أعادت إسرائيل فتح بوابتين من عشر بوابات للحرم القدسي الشريف في ما وصفته بأنه إعادة فتح تدريجية نصبت خلالها بوابات فحص إلكترونية على مداخل المسجد. غير أن موظفي الأوقاف الإسلامية والمقدسيين والمصلين رفضوا الدخول عبرها، وأقاموا الصلوات خارج المسجد، قبل أن يعتصموا في باب الأسباط خارج باحات الحرم، مطالبين بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل يوم الجمعة. وقال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني ل «الحياة» إن الشرطة الإسرائيلية أقامت أربع بوابات فحص إلكترونية في باب الأسباط، واثنتين في باب المجلس. وأضاف أن السلطات الإسرائيلية «صادرت مفاتيح ستة من أبواب المسجد بعد الحادث الجمعة الماضي، قبل أن تعيد مفاتيح ثلاثة أبواب أمس (الأحد)، وتبقي معها على مفاتيح الأبواب الثلاثة الأخرى، لكننا رفضنا استلامها». وتابع: «اسرائيل تنكر وجود مفاتيح الأبواب الثلاثة معها، وهو ما يثير قلقنا من النيات الحقيقية وراء ذلك، لهذا رفضنا استلام المفاتيح». وأوضح أن من بين الأبواب التي احتفظت اسرائيل بمفاتيحها باب الرحمة الذي يفتح على المنطقة التي تدعي جماعات يهودية انها مقامة على انقاض «الهيكل» المزعوم، لافتاً الى ان «السلطات غيرت أقفال الباب، ما يثير الكثير من القلق لدينا». وتضم اسوار الأقصى 10 ابواب، صادرت اسرائيل عقب احتلال المدينة مفاتيح واحد منها هو باب المغاربة الذي تستخدمه لإدخال اليهود والسياح في فترة السياحة الأجنبية. وقال وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية عدنان الحسيني ل «الحياة» ان اهالي المدينة يرفضون التعامل مع اي تغييرات تدخلها السلطات الإسرائيلية في المسجد. وأضاف: «لن نتعامل مع اي تغيرات في المسجد، وعلى السلطات ان تعيد الأوضاع في المسجد الى ما كانت عليه قبل يوم الجمعة». وتابع: «نعم، صحيح كان هناك حادث في المسجد، لكن هذا لا يعني ان تستخدمه السلطات الإسرائيلية لتمرير مخططاتها للسيطرة عليه». في هذه الأثناء، أكد عضو اللجنة المركزية، نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول خلال اجتماع لقيادات من حركة «فتح» في رام الله أمس، أن الرئيس محمود عباس يجري اتصالات مكثفة مع الأطراف الدولية من أجل إنهاء الإجراءات الإسرائيلية بحق الأقصى، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق خطة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وتستغل عملية القدس الأخيرة من أجل الشروع بمخططها. من جانبها، أكدت الحكومة الفلسطينية في رام الله أن كل ما تقوم به سلطات الاحتلال في القدسالمحتلة، وفي القلب منها الأقصى، إجراءات احتلالية باطلة ولاغية، وتعتبر مساً بقدسية المسجد. وجدد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود المطالبة بتدخل دولي وعربي وإسلامي عاجل لوقف إجراءات الاحتلال المرفوضة التي لا تتوافق مع واقع مدينة القدس وطبيعتها وسماتها وتاريخها. وفي اطار ردود الفعل، دعا رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي في بيان مجلس الأمن والاتحاد البرلماني الدولي الى تحمل مسؤولياتهما واتخاذ إجراءات فورية تدين الجرائم والانتهاكات اليومية الاسرائيلية بحق الفلسطينيين، والعمل الفوري على إغلاق الأقصى أمام المصلين. وطالب بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالاحتلال، محذراً من مخططات خطرة ضد المقدسات في الأراضي المحتلة، خصوصاً القدس، ومحاولة تطبيق التقسيم وتقويض عملية السلام. وكان فلسطينيون هاجموا الجمعة الماضي افراد الشرطة الإسرائيلية على احد ابواب الحرم وأطلقوا النار عليهم، ما ادى الى مقتل اثنين والمهاجمين. تصعيد إسرائيلي مع الأردن: موقفكم لا يهمنا ونحن أصحاب السيادة القدسالمحتلة - وكالة سما - شدد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد إردان على أن «إسرائيل هي صاحبة السيادة في الحرم القدسي، وموقف الدول الأخرى ليس مهماً. وإذا تقرر أن خطوة معينة لها أهمية معينة، فسيتم تنفيذها»، في إشارة إلى إغلاق الحرم. وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رفض خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أول من أمس إغلاق المسجد، ودان هجوم الأقصى الذي وقع الجمعة الماضي. ووفق مواقع رسمية أردنية، شدد العاهل الأردني خلال الاتصال على ضرورة التهدئة ومنع التصعيد في الحرم القدسي الشريف، معرباً عن رفض الأردن المطلق استمرار إغلاقه، كما دان العملية معبراً عن رفضه اشكال العنف كافة، خصوصًا في الأماكن المقدسة وأماكن العبادة، وأكد ضرورة عدم السماح لأي جهة بتقويض الأمن والاستقرار وفتح المجال أمام المزيد من أعمال العنف، علماً ان الأردن هو الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدسالمحتلة. وفي معرض رده على الانتقادات الأردنية، أكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي مجدداً على سيادة اسرائيل الكاملة على الأقصى، مشيراً الى أنه يتوجب على اسرائيل تنفيذ القرارات التي تتخذها، والتي ترى أنها ضرورية، من دون النظر الى موقف الأردن والدول الأخرى وانتظار موافقتها، مضيفاً: «فما دامت هذه القرارات ضرورية ولها ما يبررها علينا تنفيذها». وحمّل إردان رئيس الحركة الإسلامية الشمالية الشيخ رائد صلاح مسؤولية الهجوم الذي وقع في الحرم القدسي، وقال إنه لا يستبعد اعتقاله. وأضاف أنه خلال اليومين الماضيين، تم إغلاق عشرات الصفحات لمواطنين عرب من الداخل في شبكات التواصل الاجتماعي. وأكد إردان انه سيتم وضع بوابات إلكترونية على كل المداخل المؤدية الى الأقصى، مشيراً الى أن قسماً من المداخل المؤدية الى المسجد سيبقى مغلقاً أمس، وسيمر المصلون من مداخل محددة، وسيخضعون للفحص الأمني من خلال بوابات إلكترونية، وحتى إلى تفتيش يدوي. أسئلة الإعلام الإسرائيلي تراوح بين الإخفاق الأمني وأثمان الاحتلال الناصرة - «الحياة»، وكالة سما - سلطت وسائل الإعلام العبرية الضوء، وباهتمام كبير، على الهجوم الذي نفذه 3 شبان من مدينة أم الفحم في باحات المسجد الأقصى وأسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين والمهاجمين، وتراوحت أسئلة الإعلاميين بين اسباب الإخفاق الأمني الاسرائيلي وأثمان الاحتلال. وكتب جدعون ليفي في «هآرتس» أن «العملية لم تكن إرهابية: الإرهاب يوجَّه ضد المدنيين... لكنها شكلت تذكيراً بأنه أيضاً داخل إسرائيل يوجد مواطنون سينضمون إلى الكفاح المسلح ضد الاحتلال. كانت هذه رسالة قصيرة يجب أن تقلق كل إسرائيلي». وأضاف: «ردت إسرائيل بشكل فوري وموحَّد... والسياسيون تنافسوا في ما بينهم من يندد بلغة أشد بالعملية... في هذه المنافسة فاز للمرة الأولى... النجم الصاعد لليسار الصهيوني الذي انتخب للتو: عملية إرهابية قذرة، قتَلة حقيرون، وقبضة شديدة بحق مرسلي القتلة، كتب غباي في أول ظهور غير واعد له، متنافساً مع أسلوب أوفير اكونيس وغلعاد اردان. كيف سيسمي غباي عملية تفجير حافلة على ركابها؟... ما هكذا تبنى معارضة يسار– وسط». واضاف: «إسرائيل لا تسأل نفسها عن جدوى سفك هذه الدماء في مقابل السيطرة على الأقصى، أو الحرم الإبراهيمي، أو مخيم بلاطة أو جنين»، متسائلاً: «هل نريد ان نواصل هذا الاحتلال اللعين الذي سيواصل جباية ثمن دموي حتى يومه الأخير أو نهايته؟». من جانبه، اعتبر مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة أليكس فيشمان أن المهاجمين الثلاثة «تمكّنوا من اقتحام مواقع الحماية المُركّزة في المكان، وهي من أكثر الأماكن حمايةً في الشرق الأوسط، وأكّدوا لكلّ مَنْ في رأسه عينان كَمْ كان سهلاً اختراق الحصار الأمنيّ المفروض على المنطقة». وأضاف أن «شعرة واحدة تفصل بين عملية القدس وبين العملية الاستراتيجيّة التي من شأنها أنْ تُشعل الشرق الأوسط»، وبالتالي شدّدّ على أنّ «الإخفاق الأمنيّ الإسرائيليّ يصرخ للسماء». وحذّرت محللة شؤون الشرق الأوسط سمدار بيري من اندلاع انتفاضة ثالثة، لافتةً إلى أنّ «الوضع خطير، لا بل خطير جداً، وبات قابلاً للانفجار بسبب قدسية المسجد الأقصى وأهميته للمُسلمين، ليس فقط في فلسطين التاريخيّة، بل في العالم الإسلاميّ برمته». وأكّدت أنه من التفاصيل التي سُمح بالنشر عنها، تُشتمّ رائحة فشلٍ عملياتي إسرائيلي كبير. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن قائد الشرطة الإسرائيليّة السابق في منطقة الضفّة الغربيّة قوله إنّ عملية القدس هي فشل ذريع لجهاز الامن الداخلي (شاباك)، متهماً إياه بمحاولة الاختباء وراء الشرطة وتوجيه أصابع الاتهّام إليها ونحوها.