أعلنت الهيئات الإسلامية والمسيحية في القدسالمحتلة أمس، أنها فقدت السيطرة على المسجد الأقصى المبارك في شكل كامل بفعل الإجراءات الإسرائيلية وإغلاقه لليوم الثاني على التوالي، وطالبت الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتها ولجم حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي أوصلت الأمور في الأقصى إلى ما وصلت إليه. وكانت إسرائيل أعلنت إغلاق الأقصى عقب هجوم مسلح نفذه ثلاثة مسلحين من عرب ال48 قرب المسجد أول من أمس، فقتلوا شرطيين قبل أن تقتلهم قوات الأمن، في أخطر هجوم تشهده المنطقة منذ سنوات. ولاحقاً، شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها العسكرية في أحياء القدسالمحتلة حيث تقوم باحتجاز الشبان وتفتيشهم تفتيشاً دقيقاً كاملاً قبل السماح لهم بالذهاب، كما منعت المصلين من أداء صلاة الفجر أمس فيه وإقامة الأذان، ما أجبرهم على أداء الصلاة عند أبوابه، وفي أقرب نقطة إليه من أزقة البلدة القديمة. في هذه الظروف، أكدت الهيئات الإسلامية والمسيحية في القدسالمحتلة خلال مؤتمر صحافي صباح أمس، أن الخطوات التي اتخذتها حكومة الاحتلال بحق الأقصى ورواده ومرابطيه هي «إجراءات باطلة تمثل اعتداءً صارخاً على المسجد»، مشددة على أن «إغلاقه في وجه المسلمين حدث خطير، واعتداء صارخ على حقنا الشرعي»، وطالبت «بفتحه فوراً». وقالت إن «ما تم من اقتحام للمرافق التابعة للأقصى بالقوة هو عدوان يمس عقيدة الأمة وتاريخها ويمثل غطرسة المحتل». من جانبه، قال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني أمس، إن شرطة الاحتلال أجرت عمليات تفتيش واسعة في المسجد تخللها تكسير أبواب وعبث في محتوياته، علاوة على تفتيش مسجد قبة الصخرة 5 مرات. وسمحت شرطة الاحتلال في ساعة متقدمة من مساء أول من أمس للكسواني بالقيام بجولة في المسجد، وهي الأولى لمسؤول رفيع في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، منذ إغلاق إسرائيل المسجد صباح أول من أمس. ولفت الكسواني في مؤتمر صحافي في القدس إلى أن عدداً من ضباط الشرطة الإسرائيلية رافقه في الجولة التي لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة، وقال: «في ساعة متقدمة (الجمعة)، سمح لي كمدير للمسجد الأقصى أن أدخله». وأضاف: «وجدنا المسجد فارغاً من المصلين، وهي رسالة إلى كل العالم العربي والإسلامي بأن الأقصى يبكي مما يحصل له، فالاحتلال أمعن فيه وأمعن في ظلمه، فما جرى ليس حجة أن يغلق المسجد للبحث عن سراب». وتابع: «الساحات فارغة من المصلين، وكل باب يوجد عليه أكثر من 3 من رجال الشرطة الإسرائيلية، وكل ما في عيادة المسجد مبعثر على الأرض، جميع الخزائن في المسجد القديم مفككة». وأشار إلى أن «قبة الصخرة فتشت 5 مرات خلال النهار، بحسب ما قال لي رئيس الحرس في المسجد». وأوضح أن شرطة الاحتلال «أخبرتنا أنها إذا لم تجد مفاتيح أي من المرافق، فسيتم تكسير الأقفال، وفعلاً وجدنا أقفالاً عدة مكسورة، بما فيها أقفال الآبار في الأقصى القديم». ودعا كل من يستطيع أن يأتي إلى المسجد ويشد الرحال إليه أن ينزل إلى الشوارع حتى تُفتح أبواب المسجد، ويعود الحال إلى إقامة الصلاة ورفع الأذان فيه كما في السابق». نداء للعرب والمسلمين من جانبه، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين الذي اعتقلته إسرائيل أول من أمس لساعات قبل أن تعيد إطلاقه، إن السلطات الإسرائيلية تواصل إغلاق الأقصى في شكل كامل لليوم الثاني على التوالي. وأضاف في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة «رويترز»: «نطالب العرب والمسلمين بأن يتخذوا المواقف الحقيقية لحماية الأقصى ولجم الاحتلال ووقفه عن اتخاذ إجراءات ضد المسجد المبارك». وأوضح المفتي أن لا معلومات لديه عن موعد إعادة فتح المسجد أمام المصلين، وقال: «لا يوجد وقت محدد، كل الذي أعلنوه أنهم سيغلقون المسجد لغاية الأحد، ونحن نطالب بإعادة فتحه فوراً». وقال الناطق باسم رئاسة الحكومة الإسرائيلية أوفير جندلمان في تغريدة على «تويتر»: «وفقاً لجلسة لتقويم الموقف ستعقد الأحد، سيتم افتتاح جبل الهيكل- الحرم الشريف مجدداً وتدريجاً أمام المصلين والزوار». وأعرب رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست أيمن عودة أمس عن رفضه للهجوم الذي وقع في القدس، وقال خلال مهرجان في رام الله لمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس جبهة النضال الشعبي الفلسطيني: «كانت عملية القدس، ثلاثة شباب من أم الفحم، من عنا، استعملوا السلاح... نحن ضد أن يستعمل أي شاب من شبابنا السلاح. هذا الكلام غير شعبي، لكن هذا الكلام الوطني الذي يحافظ على شبابنا». وأضاف: «نحن لا نقفز عن الأساس أن الاحتلال هو رأس الشرور، وهو المجرم الأساسي في القدس وفي الأقصى». الأردن يحذر الاحتلال من التمادي في انتهاكاته للأقصى بحجة احتواء العنف حذرت الحكومة الأردنية أمس من «تمادي سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) في انتهاكاتها غير المسبوقة لحرمة المسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف) بحجة احتواء العنف والتوتر». وشدد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية وائل عربيات في بيان أمس، على أن «سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية تزايد التوتر والعنف في القدس الشريف بسبب تصعيد الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال والمتطرفين اليهود بحق الأقصى أخيراً»، مشيراً إلى أن الأردن يرفض إغلاق الأقصى ومنع إقامة صلاة الجمعة فيه تحت أي ظرف. وبيّن عربيات أن حكومة بلاده تابعت الأحداث التي مر بها الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، خلال الساعات الماضية، من إغلاق أدى إلى تعطيل خطبة الجمعة فيه ومنع إقامة الصلوات والأذان، في سابقة لم يشهدها المسجد منذ أكثر من 800 عام، وما سبق ذلك من استفزازات للمصلين من اقتحام باحات الحرم الشريف وإقامة الصلوات التلمودية ومحاولات التغيير في المعالم الأثرية. وأضاف أن هذا الأمر يشكل حدثاً خطيراً وغير مسبوق، وهو في الوقت ذاته اعتداء على حرية إقامة الشعائر التي تجاوزها العالم في ما يتعلق بالحريات الدينية، وبدأ يتحدث عن حرية الضمير في العقيدة لا عن حرية العبادة فحسب. وقال إن هذه الأعمال الاستفزازية وما تبعها من إغلاق للمسجد وقيام الاحتلال بمنع السلطات الأردنية من ممارسة واجبها تجاه المقدسات جميعها، هي اعتداءات مرفوضة، وتعتبر تعدياً صارخاً على حرية العبادة ومخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، وستستمر الأوقاف الإسلامية الأردنية بواجبها الديني والأخلاقي في ظل الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس. إلى ذلك، أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، عن برنامج لفاعليات وتظاهرات ومسيرات تندد بالانتهاكات الإسرائيلية للحرم القدسي الشريف، وما يتعرض له من منع الشعائر الدينية. وكانت الحكومة الأردنية طالبت أول من أمس إسرائيل بفتح الأقصى «فوراً» وعدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الوضع التاريخي القائم في القدس والمسجد الأقصى وبكامل الحرم القدسي الشريف. وقالت مصادر ديبلوماسية مقربة من رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن بيان الأردن أثار حفيظة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ونقلت عنه قوله: «بدلاً من إدانة الهجوم، اختار (الأردن) مهاجمة إسرائيل» والمطالبة بفتح الأقصى فوراً أمام المصلين»، مضيفاً: «كان من الأجدر على الأطراف المعنية، بما فيها الأردن، أن تحافظ على ضبط النفس وتمتنع عن شحن الأجواء».