للمرة الأولى منذ انطلاق محادثات جنيف للسلام في سورية، لمح المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى قرب نضوج شروط إجراء محادثات مباشرة بين وفود المعارضة والنظام السوري، متحدثاً عن إمكان عقد تلك اللقاءات المباشرة خلال الجولة المقبلة من محادثات جنيف والتي قالت مصادر روسية إنها متوقعة في أيلول (سبتمبر) المقبل، عقب جولة آستانة نهاية آب (أغسطس). في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو لا تدعم الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها تخشى على سورية من «مصير العراق»، وزاد: «أخشى أنه بعد القضاء على الديكتاتور سيجري القضاء على البلد أيضاً». وذكر لافروف أن روسيا لا تدعم الأسد، لكنها متمسكة بحق الشعب السوري في تقرير مصيره. وفي محاضرة ألقاها في مقر «صندوق كوربر» في برلين أمس، أضاف لافروف: «في ما يتعلق بالأسد، نحن لا ندعمه، لكننا لا نريد إطلاقاً أن يتكرر (في سورية) ما حصل في العراق». وأوضح في إشارة إلى العراق أن دولاً غربية كثيرة كانت «متعطشة للقضاء على الديكتاتور. ولهذا أخشى بعد القضاء على الديكتاتور أن يتم القضاء على البلد أيضاً، لأننا نشهد هناك تطورات شديدة التعقيد». وشدد لافروف على أن ليبيا تشهد الآن وضعاً مشابهاً للوضع السوري. وتواصلت محادثات دي ميستورا أمس مع الوفود المشاركة في جنيف وظهرت مؤشرات قوية إلى تقارب منصات المعارضة الثلاث (الرياضوالقاهرةوموسكو) للتوصل إلى «وفد واحد» يجمعها خلال جولات التفاوض المقبلة. وربطت مصادر ديبلوماسية غربية بين تفاؤل دي ميستورا بقرب المفاوضات المباشرة بين المعارضة والنظام، والتقارب الأخير بين منصات المعارضة. وإذا التقت وفود المعارضة والنظام وجهاً لوجه ستكون هذه هي المرة الأولى منذ انطلاق عملية جنيف عام 2012. وبحث دي ميستورا مع وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري في مكافحة الإرهاب، كما عقدت اجتماعات «فنية» بين خبراء من الوفد السوري وفريق دي ميستورا. وقال دي ميستورا: «لم يدفع خلال المحادثات الجارية في جنيف إلى مفاوضات مباشرة... لأن ذلك يجب أن يأتي بإرادة سورية كي يدفع نحو مفاوضات حقيقية وليس مجرد لقاءات شكلية». وتابع: «لم أتوقع أي محادثات مباشرة في هذه الجولة، لكننا نركز الآن على القواسم المشتركة بين الأطراف... نحن لا ندفع نحو ذلك (المحادثات المباشرة)، لأنها يجب أن تحصل تلقائياً، وعندما تحصل، يبدأ العمل الحقيقي». ورداً على سؤال حول احتمالات أن تبدأ المفاوضات المباشرة قبل الجولة المقبلة في أيلول، قال: «ربما قبل ذلك». في موازاة ذلك، أكد رئيس «منصة موسكو» قدري جميل اقتراب أطراف المعارضة من التوصل إلى تفاهمات تؤسس لتشكيل وفد موحد للمعارضة في المستقبل. وقال جميل ل «الحياة»، إن أطراف المعارضة تمكنت من تقريب وجهات نظرها حول واحدة من السلات الأساسية المطروحة للبحث وهي مسألة الدستور. وأضاف: «نحن الآن متفقون بنسبة 75 - 80 في المئة، وذللت كل العقبات الرئيسة وتفاهمنا على 3 أوراق شاملة». وأكد أن ثمة رؤية مشتركة تمت بلورتها حول المبادئ وآليات وضع الدستور الذي يجب أن يصيغه السوريون أنفسهم. وأشار إلى أن جولة المفاوضات في جنيف شهدت ثلاث جلسات عمل مكثفة لأطراف المعارضة. وأقر بأن «العملية ليست سهلة والمواقف ما زالت متباعدة حيال عدد من الملفات، لكن تقريب وجهات النظر ليس مستحيلاً كما أثبتت تجربة مناقشة الدستور». وأعرب عن اقتناعه بأن الفترة المقبلة ستشهد تواصل العمل من أجل خوض الجولة الثامنة ب «وفد موحد للمعارضة». في غضون ذلك، قال ممثل «منصة موسكو» مهند دليقان بعد لقائه دي ميستورا إن المنصة وافقت على الورقة التي طرحها المبعوث الأممي لتقريب وجهات النظر بين النظام والمعارضة. وأوضح أنّ الوفود المعارضة تسعى للتوصل إلى المشاركة بوفد واحد في الجولة المقبلة من المحادثات. وتابع: «ما نسعى إليه هو وفد معارض واحد وليس موحداً». وأعلن رئيس وفد «منصة القاهرة» فراس الخالدي أن المنصة وافقت على ورقة المبادئ التي قدمها دي ميستورا، لافتاً إلى وجود تقارب في الرؤى وتزايد الثقة بين منصات المعارضة. وأشار إلى أن «منصة القاهرة» تسعى إلى التوصل إلى التفاوض المباشر من أجل البدء بالعملية السياسية.