قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن سورية «تشهد تغييرات إيجابية بعد الاتفاق على إقامة مناطق خفض التوتر»، داعياً قوى المعارضة إلى عدم انتظار وضع دستور سوري جديد لبدء بحث مشاركتها في إدارة شؤون البلاد. في موازاة ذلك، التقى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مع وفود المعارضة خلال اليوم الثالث من مفاوضات جنيف. وقال نصر الحريري، رئيس وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» (منصة الرياض) إلى مفاوضات جنيف، إن لقاء الوفد مع المبعوث الأممي تركز على العملية السياسية، مشدداً على أن «النظام لا يزال يرفض العملية السياسية». وعن مضمون حوارات أمس، قال الحريري: «بالنسبة لنا قدمنا رؤى وتصورات واضحة... كانت هناك مذكرة تفصيلية عن وضع المعتقلين، لا سيما أنه لم تنجح جهود آستانة في التقدم بهذا الملف، ونواصل جهودنا مع الأممالمتحدة». ووجه لافروف لليوم الثاني على التوالي إشارات إلى المعارضة السورية بضرورة «تغيير سلوكها» و «الانخراط في شكل أكثر جدية في العملية السياسية». وبعدما كان أكد أهمية «التحول الإيجابي الذي برز من خلال تبني الهيئة العليا للمفاوضات سياسة أكثر واقعية تمثلت في الاستجابة لمساعي تقريب وجهات النظر بين أطراف المعارضة»، سار الوزير الروسي أمس، خطوة ثانية باتجاه دعوة المعارضة إلى التركيز على ملفي التعاون في مكافحة الإرهاب، والإصلاح الدستوري باعتباره «المدخل نحو التسوية السياسية». وكان لافروف قال إنه «ليس من الضروري انتظار وضع دستور جديد ويمكن البدء باشراك أطراف من المعارضة في إدارة شؤون البلاد على أساس الدستور الحالي». وذكّر بأن الدستور السوري الحالي سيبقى ساري المفعول حتى تتم صياغة الدستور الجديد. وأشار إلى أن هذا الدستور «يعرض حزمة واسعة من الإمكانات تسمح بتعميق مشاركة ممثلي المعارضة في إدارة الدولة»، مضيفاً أنه يأمل بأن يكون الحديث حول هذا الموضوع إيجابياً وبناء. واعتبر الوزير الروسي أمس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البلجيكي ديديه ريندريز، أن سورية «تشهد تغيرات إيجابية بعد التوصل إلى اتفاقات آستانة حول إقامة مناطق تخفيف التوتر»، معرباً عن أمل في تعزيز الهدنة. وتطرق إلى الاتفاق الروسي– الأميركي في المنطقة الجنوبية، مشيراً إلى أنه «أقيمت منطقة تخفيف التوتر في جنوب غربي سورية بمشاركة عسكريين وديبلوماسيين من روسياوالولاياتالمتحدةوالأردن، وقد ساعد ذلك على خفض العنف. ولا يزال نظام وقف النار قائماً ونعول على تعزيز هذا التوجه». وأكد توقيع الاتفاق الخاص بإنشاء مركز مراقبة في الأردن، على رغم تصريحات سابقة صدرت من واشنطن اعتبرت أنه من السابق لأوانه الحديث عن إقامة مركز لمراقبة تنفيذ الاتفاقات. وأوضح لافروف أن الوثيقة التي وقعها ممثلون روس وأميركيون وأردنيون في عمان «تتضمن بنداً ينص على التوصل إلى اتفاق حول إقامة المركز». وأضاف أن المفاوضات في شأن إقامة ثلاث مناطق أخرى لتخفيف التوتر لا تزال مستمرة، مضيفاً أن مفاوضات آستانة الأخيرة حققت «تقدماً معيناً» في هذا الشأن. واعتبر لافروف أن مفاوضات آستانة منحت مفاوضات جنيف زخماً قوياً، لكنه شدد على ضرورة أن «تتخلى المعارضة السورية عن لغة الإنذارات وطرح الشروط خلال المفاوضات. كما دعا لافروف الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، لإعادة النظر في العقوبات المفروضة على سورية. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع فيديريكا موغيريني المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، إن متابعة الاتصالات بين موسكو وبروكسيل ضرورية، معتبراً قطعها «قصر نظر». وأكدت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي مستعد لبذل المزيد من الجهود الديبلوماسية لدعم عملية إعادة الحياة الطبيعية في سورية. وشددت على أن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تؤثر في السكان المدنيين، مضيفة أنها «موجهة ضد أولئك، الذين يتحملون مسؤولية خاصة عن الحرب». في موازاة ذلك، تواصلت محادثات جنيف لليوم الثالث على التوالي بمقر الأممالمتحدة. والتقى المبعوث الأممي دي ميستورا مع وفد المعارضة. ولدى وصوله إلى مقر الأممالمتحدة وسؤاله عن اقتصار الاجتماعات على الوفود الفنية، قال إن اجتماعات أمس ستبحث القضايا السياسية. وقالت مصادر مطلعة إن دي ميستورا طلب من وفود المعارضة أن تأتي بوفد واحد إلى مقر الأممالمتحدةبجنيف، إلا أن المعلومات تشير إلى أن الوفود لم تتوصل بعد إلى ورقة واحدة في هذا الشأن. وكانت منصات الرياضوالقاهرةوموسكو التقت أول من أمس للتوصل إلى ورقة موحدة، ولكن لم يصدر أي شيء عن الاجتماع في شكل رسمي في حين تناقلت مصادر مقربة من المعارضة استمرار الخلاف بين المنصات الثلاث. من ناحيته، قال نصر الحريري، إن نتيجة اللقاءات بين المعارضة السورية تعتمد على حصول توافق في شأن مسألة الانتقال السياسي. وجاءت تصريحات الحريري، بعد أن بدأت أطياف المعارضة المشاركة في مفاوضات جنيف (منصات الرياضوالقاهرةوموسكو) بعقد اجتماعات مشتركة. وأوضح الحريري في مؤتمر صحافي في جنيف أمس، أن الانتقال السياسي يجب أن يكون قائماً على أساس مفاوضات جنيف 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة. وأشار إلى أن الهيئة العليا للمفاوضات فتحت، منذ عدة أشهر، حواراً مع منصتي القاهرةوموسكو، وأجرينا نقاشات مفيدة. وحول الاتهامات الموجهة إلى المعارضة بأنها غير موحدة، قال: «الهيئة العليا للمفاوضات منذ عدة أشهر فتحت باب الحوار مع المنصتين، وهذا كان بإرادتها». وأردف: «أصدرت الهيئة قراراً بأن يتم ضم ممثل واحد عن كل منصة، وهذه الحوارات مستمرة حتى هذه اللحظة، وفي الفترة الماضية كان هناك تطور ولقاءات وبناء مواقف مشتركة، وكان فيها مناقشات هامة ومفيدة، ولم تنته النقاشات بعد». ودعا الحريري الأممالمتحدة إلى «الوفاء بالتزاماتها بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سورية». وأضاف: «كان هناك عدد من اللقاءات التقنية المهمة في الفترة الماضية، بلورت مواقف تمت فيها نقاشات مهمة في السلة الثانية، الدستور، والثالثة، الانتخابات، واليوم كان النقاش بالتركيز على العملية السياسية، والتركيز على جوهرها لتحقيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالانتقال السياسي». «منسقية الإدارة الذاتية» تنتقد غياب الأكراد عن طاولة الحوار لندن - «الحياة» - أكدت «المنسقية العامة للإدارة الذاتية» الكردية، أنها لا تتوقع نجاح محادثات «جنيف7» وليست معنية بنتائجها. وفي بيان نشرته «الإدارة الذاتية» على موقعها الرسمي، أفادت بأن «غياب القوى الديموقراطية وممثلي الإدارة الذاتية الديموقراطية عن مؤتمر جنيف يعني غياب الطرف الأساسي والعامل الأهم لإنجاح أي مفاوضات أو اجتماعات حول مستقبل سورية، خصوصاً أننا أصحاب رؤى واضحة ومشاريع عملية ديموقراطية حقيقية على المستوى السوري من خلال أطروحتنا الواقعية». واتهمت «الإدارة الذاتية» في بيانها الأطراف المعنية بالوضع السوري ب «التمسك بزمام المبادرة للحفاظ على النفوذ العسكري والسياسي من دون أخذ القضايا الاستراتيجية التي تهم الشعب في الاعتبار... وعدم مشاركة القوى السياسية التي تمثل كافة شرائح المجتمع». وتابعت: «دائماً كانت هناك تحديات تواجهها اللقاءات والمنصات التي كانت تعقد باسم إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وإحدى أكبر هذه التحديات هي جهود بعض الدول الإقليمية كتركيا وقطر، السلبية المعرقلة للعملية السياسية، لذلك لا يمكن أن تنجح أي عملية سياسية وتفاوضية في ظل تهديد واستيطان وهجمات الدولة التركية على السيادة السورية في الوقت الذي تركز جميع الأطراف على وحدة الأراضي السورية». وسبق أن اتهم حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي تركيا ب «عرقلة حضورهم» في محادثات جنيف، محذراً من فشل المحادثات «إذا استمر استبعاد الأكراد منها». وشدد البيان على أنه لا يمكن أي طاولة حوار أن تنجح في طرح الحل إذا غابت عنه القوى الأساسية، ولذا نعلن إننا في الإدارة الذاتية الديموقراطية في المقاطعات الثلاث (الحسكة وعين العرب «كوباني» وعفرين) لسنا معنيين بنتائج ومخرجات مثل هذه الاجتماعات والحوارات والمؤتمرات التي لا تتوقع لها النجاح». وكان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا قال أول من أمس، إنه يجب السماح لممثلي الأكراد السوريين المشاركة في وضع دستور جديد للبلاد.