وثائق سقطت من السماء بدل أمطار الشتاء لتنعش العقل والفكر لدى الإنسان الفلسطيني في زمن التضليل الإعلامي، والانقلاب على التاريخ بما يحتويه من حقوق وثوابت تحت العديد من المسميات والكثير من التبريرات التي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة. وثائق بالمئات تنهال علينا عبر قناة «الجزيرة» القطرية وجريدة ال «غارديان» البريطانية تكشف سيلاً عارماً من جلسات المفاوضات بين من نَصّبوا أنفسهم مفاوضين بإسم الفلسطيني في كل مكان من دون تفويض أو تصريح وكأن الشعب بات يتيماً وقاصراً ليقوم مفاوضون بالتنازل عن حقوقه وثوابته حسب رؤيتهم الشخصية. تفاجئني الأمور وتتأكد شيئاً فشيئاً وقائع هذه المفاوضات ويلحق بذلك عدد من التعليقات التي لا معنى لها، ومنها «إن أي اتفاق نهائي مع الاحتلال سيتم عرضه للاستفتاء»! السؤال الذي يطرح نفسه حينما انقلبت «منظمة التحرير» على التاريخ واعترفت بحق «إسرائيل» بالوجود على ارض فلسطينالمحتلة، هل تم استفتاء الشعب حينها؟ إذا كان هذا الأمر الذي أدخل القضية الفلسطينية في نفق مظلم له مدخل من دون مخرج لم يتم استفتاء الشعب عليه فماذا تبقى للشعب من كلمة لتقرير مصيره في مستقبله في حقوقه وفي ثوابته ؟ أليس ما قام به ياسر عبد ربه حينما وقّع «وثيقة جنيف» هو تنازل واضح وصريح عن حق العودة والإبقاء عليه بشكل رمزي مخزٍ. إذا كنتم ستخوضون تبريرات كشف هذه الوثائق بألف سؤال وسؤال عن توقيتها ومن خلفها وإلى آخر أسئلتكم فلدينا مليون سؤال وسؤال . إذا كنتم تشكّكون بوثائق «الجزيرة» فالأجدر بكم مكاشفة الشعب الفلسطيني بكل مكان يتواجد به عن كل جلسة تفاوض وصلتم إليها، عن ما قدمتم من عروض رفضها الاحتلال، عن مدى سقف تنازلاتكم إلى الآن حتى نطلع عليها، أليس الأمر يعنينا بالدرجة الأولى، أليس ما تفاوضون عليه هو مصيرنا ؟! دعوكم من المسرحية الهزلية التي تطرحونها عبر الأسباب والمسببات والأهداف، ومن المستفيد، نريد أن نسمع ردودكم بمنطق وصدق، نريد أن تظهروا لنا الاتفاقات التي تم تمريرها والتوقيع عليها مهما كان حجمها نريد أن تطمئن قلوبنا، هل انتم صادقون في نفيكم لهذه الوثائق أم سقطتم في وحل المفاوضات حتى وصل الأمر بكم إلي بيع المقدسات من حقوق الشعب الفلسطيني وتخافون المواجهة والمكاشفة. ليست قضية القدس فقط هي المقدسة لدى الشعب الفلسطيني، بل كل حقوقنا مقدسة ولا يمكن التهاون أو التنازل عنها، ولن يكون لأحد مهما كان موقعه حق في التنازل عنها أو عن جزء منها تحت أي مبرر وإن كان دولة هزيلة توعدون بها منذ عقدين ولم تولد بعد. لا يحق لكم أن تعرضوا على الشعب الفلسطيني سواء في الضفة والقطاع أو في أراضي ال48 أو في الشتات أي اتفاق تبرموه مع الاحتلال ينتقص من هذه الحقوق المقدسة في استفتاء، حيث لا استفتاء على الحقوق والثوابت، حتى لا نجد أننا أصبحنا مثل السودان المقسم إلى «كنتونات» تحت مسمى الاستفتاء. كل ما يفعله المفاوض الفلسطيني الآن هو الاستمرار بالتفاوض في النفق المظلم من دون الوصول إلى حقوقنا بعد 20 عاماً من التفاوض، بينما في هذين العقدين من الزمان جسدت دولة الاحتلال وقائع على الأرض يصعب عليكم تجاوزها، حيث بنيت مدن تحت مسمى مستوطنات، اضافة الى تغيير جغرافي قَطّع أوصال الضفة بجدار العزل العنصري، علاوة على المجازر الوحشية التي توجه إلى الشعب الفلسطيني في حروب تغطيها عملية التفاوض بلا خجل أو حياء، استمرار تفاوضكم هو السبيل الوحيد لبقائكم في مناصبكم ونحن نريد منكم أن ترحلوا. أليس من حقنا ونحن أصحاب الأرض والعرض والدم الذي تفاوضون عليه؟ أيها المفاوض الفلسطيني (...) دّع الفلسطينيين، يستعيدون حقوقهم بطريقتهم، ودعونا وشأننا ونحن كفلاء بإعادة قضيتنا إلى موقعها الحقيقي ليس عند المجتمع الدولي، والرباعية، وهذه المؤسسات والهيئات الظالمة، بل على ارض الواقع بمقاومتنا، بحجارتنا، بصمودنا، بثباتنا.