بات مستقبل الحوار الفلسطيني الذي ترعى القاهرة جولته الأخيرة الشهر المقبل على المحك، بعدما تبادلت حركتا «فتح» و «حماس» الاتهامات بالسعي إلى نسفه إثر اشتباك بين قوات الأمن وعناصر من «كتائب القسام» في الضفة الغربية أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة واثنين من قادة الكتائب. وفي وقت هددت «حماس» بعدم المشاركة في الحوار، اتهمها الرئيس محمود عباس، بحسب وكالة «رويترز»، ب «خلق حال من البلبلة وعدم الاستقرار»، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية «ستواصل دورها الوطني، وستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بمصالح شعبنا العليا». وكانت قوات الأمن التابعة للسلطة دهمت منزلاً في بلدة قلقيلية في الضفة كان القياديان في الجناح العسكري ل «حماس» محمد السمان ومحمد ياسين يختبئان فيه. ولقي الاثنان حتفهما إضافة إلى صاحب المنزل خلال تبادل النيران، كما قُتل ثلاثة من رجال الشرطة بقنبلة يدوية، في أسوأ اقتتال داخلي في الضفة منذ سيطرة «حماس» على غزة. وقال الناطق باسم قوات الأمن العميد عدنان الضميري في مؤتمر صحافي إن قوات الأمن «فوجئت بإطلاق النار على دورية كانت تقوم بنشاط عادي لها في حي كفار سابا في قلقيلية... وعند ملاحقة مطلقي الرصاص، استحكمت المجموعة التي تبين أنها من مسلحي حماس الخارجين على القانون، داخل إحدى الشقق السكنية، وأخذت بإلقاء القنابل اليدوية والمتفجرات تجاه الشرطة لمدة خمس ساعات». وأضاف أن «ثلاثة من رجال الأجهزة الأمنية حاولوا الاقتراب من المنزل بغرض التفاوض مع المسلحين، إلا أن المسلحيْن ألقيا قنبلة يدوية باتجاه الضباط الثلاثة، ما أدى إلى مقتلهم على الفور». وأشار إلى أن الشرطة «استدعت وجهاء من المدينة ومن أقارب المسلحين بهدف التوصل إلى اتفاق لتسليم نفسيهما، لكن هذه المحاولات لم تنجح». وشدد على أن «قوى الأمن لن تسمح لأي كان بالاعتداء على القانون، وتخزين الأسلحة والمتفجرات في الأماكن السكنية لإعادة الفوضى والفلتان الأمني»، وأنها مصممة على «فرض سيادة القانون في كل شارع وحي فلسطيني في الضفة». واعتبر أن ما جرى «بالغ الخطورة، ولا يهدف إلى إعاقة الحوار، بل هو محاولة لنسفه حين تقوم مجموعة مسلحة باستهداف أفراد الأمن». في المقابل، حمّلت «حماس» السلطة والرئيس عباس المسؤولية المباشرة «عما يجري في الضفة من جرائم، ونطالبها بوقف هذه الجرائم، وإلا فإن حماس لن تسكت طويلاً». واعتبرت «هذه الجريمة خطاً أحمر غير مسبوق تجاوزته أجهزة عباس وقادتها». وحذّرت من أن هذا الحادث «ستكون له تداعياته الأكيدة على تقييم سياساتنا ونظرتنا تجاه العصابات المسؤولة عن الجريمة». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم قوله إن «لا معنى للحديث عن أي حوار مع حركة فتح في ظل ما جرى أو ما يجري من تصعيد يومي خطير من قبل أجهزة أمن أبو مازن (عباس) وحركة فتح ضد حركة حماس وأبنائها وقياداتها في الضفة». وقال إن على «فتح» أن «تختار إما الحوار وإما الارتماء في أحضان العدو الصهيوني واستكمال دورها التصفوي». وأكد القيادي في «حماس» صلاح البردويل خلال مؤتمر صحافي أن الحركة «تعكف في هذه الاثناء على دراسة تعليق مشاركتها في حوار القاهرة احتجاجاً على هذه الجرائم المتلاحقة». وطالب «الراعية مصر بإلزام عباس بوقف الاعتقالات السياسية والإفراج عن المعتقلين السياسيين كافة».