أظهرت وثائق سرية نشرتها قناة «الجزيرة» أن التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية للاحتلال الاسرائيلي بلغ مرحلة متقدمة من التعاون بهدف توجيه ضربات لفصائل المقاومة، ما حدا بواشنطن وتل أبيب إلى الاعتراف بدور مخابرات السلطة «الرائع»، في حين أقرت الأخيرة بقتلها فلسطينيين في سبيل إقامة «سلطة البندقية». ففي لقاء خلال عام 2005 بين وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك شاؤول موفاز ووزير الداخلية الفلسطيني السابق اللواء نصر يوسف الذي كان مسؤولاً أمنياً آنذاك، تكشف الوثائق السرية أن السلطة والحكومة الإسرائيلية ناقشتا اغتيال القيادي في «كتائب الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح» حسن المدهون في غزة. وفي الحوار بين الجانبين يقول موفاز: «حسن المدهون نعرف عنوانه، ورشيد أبو شباك (نائب مدير الأمن الوقائي الفلسطيني في غزة سابقاً) يعرف ذلك، لماذا لا تقتلونه؟»، فيرد عليه نصر يوسف بالقول: «أعطينا تعليمات لرشيد وسنرى». وبعد ذلك بأسابيع، وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، استهدفت الطائرات الإسرائيلية بصواريخها المدهون، والمسؤول العسكري في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس» فوزي أبو القرع، ما أدى إلى استشهادهما. وكما تشير الوثائق، لقي التعاون الاستخباري بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، إشادة كبيرة من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين. وإضافة إلى التنسيق الأمني، تكشف الوثائق السرية أن السلطة، على رغم إلحاحها على الحصول على الأسلحة لمواجهة المقاومة وحركة «حماس»، قبلت مع ذلك بدولة منزوعة السلاح في نهاية المطاف. وتأكيداً من السلطة على تعاونها والتزامها تنفيذ التعهدات الأمنية تجاه الطرف الإسرائيلي، قدمت لتل أبيب وثيقة سرية معنونة ب «النجاحات الأمنية للسلطة الوطنية». وتعدد الوثيقة، وهي مؤرخة بالتاسع من حزيران (يونيو) عام 2009 وتغطي التعاون الأمني في الفترة من شباط (فبراير) عام 2008 وحتى ايار (مايو) عام 2009، من تلك «النجاحات» ما يأتي: «اعتقال نحو 3700 من منتسبي المجموعات المسلحة، واستدعاء نحو 4700 شخص للمساءلة في شأن جنح مختلفة، بما في ذلك الانتساب إلى مجموعات مسلحة، ومصادرة ما يزيد على 1100 قطعة سلاح، والاستيلاء على ما يزيد على مليونين وخمسمئة ألف شيكل تابعة لمجموعات مسلحة، ومصادرة الكثير من المواد التي تحرض على العنف». وفي الوثيقة نفسها، يقول كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات: «لقد استثمرنا وقتاً وجهداً، وحتى قتلنا أبناء شعبنا لأجل حفظ النظام وحكم القانون. رئيس الوزراء (سلام فياض) يقوم بكل ما هو ممكن من أجل بناء المؤسسات. لسنا دولة بعد، لكننا الوحيدون في العالم العربي الذين يراقبون الزكاة والخطب في المساجد. نحن نجتهد للقيام بما علينا». ويذهب الرئيس محمود عباس أبعد من ذلك، حين قال في اجتماع بتاريخ 22 حزيران (يونيو) 2005 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون إن «كل رصاصة توجه ضد إسرائيل هي رصاصة موجهة ضد الفلسطينيين».