تونس، القاهرة - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - عاد التلاميذ التونسيون إلى مدارسهم أمس الإثنين بعد إغلاقها أسبوعين، فيما احتدمت التظاهرات ضد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لكن بعض المدارس ظل مغلقاً للاحتجاج على الحكومة التي حلت محله. وأعلن الجنرال رشيد عمّار رئيس أركان جيش البر، والأعلى رتبة في الجيش التونسي، أن الجيش «حامي الثورة» التونسية، بيد أنه «لن يخرج عن الدستور»، داعياً المتظاهرين إلى إخلاء الساحة أمام مقر الحكومة في العاصمة. وقال الجنرال عمار مخاطباً المتظاهرين المتجمعين منذ السبت أمام مقر الحكومة بالعاصمة مطالبين باستقالة الحكومة الموقتة، إن الجيش هو «حامي العباد والبلاد والثورة» التونسية. وأضاف الجنرال عمار الذي كان يخاطب المتظاهرين في محاولة لتهدئتهم: «لا تضيعوا هذه الثورة المجيدة، أنا صادق وكل القوات المسلحة صادقة لكي تصل بالسفينة إلى شاطئ السلام». وتابع أن «الجيش حمى ويحمي العباد والبلاد (...) الجيش حامي هذه الثورة». وحين سأله أحد المتظاهرين عن الضمانات، أجاب: «أنا هو، أنا هو». وحذّر الجنرال عمار من «الركوب على ثورة الياسمين» ومن الفراغ. وأضاف: «ثورتكم ثورة الشباب ستضيع ويركبها أناس آخرون»، مشيراً إلى أنه «ثمة قوى تدعو إلى الفراغ، والفراغ يولد الرعب والرعب يولد الديكتاتورية». وحرص على تأكيد احترام الجيش الدستورَ التونسي. وقال «نحن مع دستور البلاد وحماة دستور البلاد ولا نخرج عن دستور البلاد». ودعا المتظاهرين إلى إخلاء ساحة الحكومة حتى تتمكن «هذه الحكومة أو حكومة أخرى» من العمل. وأوضح «ساحة الحكومة هذه نريدها فارغة» سواء كانت في قصر الحكومة بالقصبة «هذه الحكومة أو حكومة أخرى»، مشيراً إلى أن مقر الحكومة فيه «موظفون ساهرون على مصالح العباد ومكاسب البلاد التي تعبت من أجل إنجازها أجيال وراء أجيال». عودة الدراسة في غضون ذلك، قالت ماريان التي تبلغ التاسعة من عمرها وهي تلميذة في مدرسة بوعبدلي في العاصمة تونس: «إنني سعيدة جداً للذهاب إلى المدرسة لأنه أول يوم للعودة. سأذاكر دروسي وألتقي مع أصدقائي». ووقفت المدارس التي استأنفت الدراسة دقيقة حداداً على الذين قتلوا في شهر من الاشتباكات بسبب الفقر والفساد والقمع السياسي الذي أنهى قبضة بن علي على السلطة التي استمرت 23 سنة عندما لجأ إلى المملكة العربية السعودية يوم 14 كانون الثاني (يناير). وتقول الحكومة إن 78 شخصاً قتلوا في التظاهرات منذ كانون الأول (ديسمبر). وتقول مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إن 117 قتلوا بينهم 70 بالذخيرة الحية. وقالت هادية معسور التي أحضرت طفلها إلى المدرسة: «هذا مثل احتفال وطني بالنسبة إلينا». وأضافت: «إننا نبدأ من جديد مرة أخرى. الحياة يجب أن تستمر والأطفال يجب أن يعودوا إلى المدرسة». ونزل التونسيون إلى شوارع العاصمة تونس ومدن أخرى خلال الأيام السبعة الماضية للمطالبة بتنحي الحكومة الموقتة التي تضم موالين ل «بن علي». وما زالت السلطات تفرض حظر التجول ليلاً في إطار جهودها لاستعادة النظام بعد اشتباكات بين ميليشيا موالية ل «بن علي» والجيش بعد مغادرة الرئيس المخلوع. لكن يتوقع أن تعود المدارس والجامعات إلى سابق عهدها على مراحل هذا الأسبوع. وقالت نائب مدير المدرسة مدام كردي «إننا نعتقد أن الإضراب هنا في هذه المدرسة غير مناسب». وتم تنظيم الكثير من الاحتجاجات من خلال اتحاد نقابات العمال وضمت مجموعات ذات قائمة طويلة من المظالم في ما يتعلق بالفساد والمحسوبية وأوضاع أخرى في أعمالهم. وقالت كردي «لقد شهدنا تغييراً في المنظومة والنظام. جاءت حكومة جديدة إلى السلطة وأعتقد أن المحادثات في شأن الأجور يمكن أن تجرى في وقت لاحق». ونظّم المدرسون احتجاجاً خارج وزارة التعليم في تونس العاصمة وقال التلفزيون الحكومي إن بعض المدارس أغلق أبوابه لكن لم يتضح عدده. وقالت المدرّسة فاطمة قدور والدموع في عينيها «إنه لأمر محزن حقاً ما يجرى في تونس... انه محزن حقاً». وأضافت «الشعب التونسي لا يستحق هذا. لقد عشنا في كراهية لمدة 23 سنة. نأمل بعودة الأمور إلى طبيعتها». مبارك: لم نرفض استقبال بن علي وفي القاهرة (الحياة)، نفى الرئيس حسني مبارك ما تردد عن رفض بلاده استقبال الرئيس التونسي المخلوع. وأوضح، في حديث لمجلة الشرطة، أنه «تم إبلاغي بأن الطائرة (التي تقل بن علي) طلبت الإذن بعبور الأجواء المصرية من دون أن تطلب ترخيصاً بالهبوط في أي من مطاراتنا... واستمرت متابعة سلطات الطيران المدني لعبور الطائرة إلى حين هبوطها في مطار جدة». وأكد أن مصر تحترم إرادة الشعب التونسي وخياراته، رافضاً التوقعات بتصدير الثورة التونسية إلى مصر وعدد من الأقطار العربية، موضحاً أن «هناك تفاوتاً في الوقت الراهن بين مجتمعاتنا العربية من حيث مدى ونطاق ما تتيحه من حرية الرأي والتعبير والصحافة وغيرها من الحريات ومدى ما حققته من خطوات على طريق الديموقراطية والإصلاح والتطوير والتحديث».