في وقت فتحت المدارس التونسية أبوابها امام التلاميذ للمرة الأولى منذ انهيار حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في 14 كانون الثاني (يناير) الجاري، خرج الجيش عن صمته مُعلناً أنه «حامي ثورة الياسمين»، طالباً من المتظاهرين الذي يحتجون منذ أيام على حكومة الوزير الأول محمد الغنوشي، إخلاء الساحة المقابلة لمقر رئاسة الحكومة، وسط العاصمة. وجاء موقف الجيش الذي صدر على لسان رئيس أركان جيش البر الجنرال رشيد عمّار، في وقت أفيد أن مفاوضات تُجرى حالياً في تونس لتشكيل لجنة حكماء تحل محل حكومة الغنوشي الانتقالية بهدف «حماية الثورة». ويُتوقع أن تضم اللجنة المعارض الشهير أحمد المستيري. كما أعلن وزير التربية الناطق باسم الحكومة الطيب البكوش لوكالة «فرانس برس» مساء تعديلا وزاريا وشيكا، لافتاً إلى «أن هناك مناصب وزارية شاغرة»، مذكّراً باستقالة خمسة وزراء الأسبوع الماضي هم ثلاثة يمثلون المركزية النقابية (اتحاذ الشغل) وواحد من المعارضة وآخر عضو في التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم سابقاً. وأضاف البكوش الذي يعتبر شخصية مستقلة منبثقة من الأوساط النقابية: «ربما تكون هناك استقالات جديدة (من الحكومة) وبالتالي سيكون لدينا على الأقل ستة حقائب وربما أكثر يتعين توزيعها، وهذا يستدعي بالضرورة تحويراً وزارياً ربما من الآن (مساء أمس) إلى الغد (اليوم)». وخرج أمس الجنرال رشيد عمّار، الأعلى رتبة في الجيش التونسي، إلى المتظاهرين المعتصمين أمام مقر الحكومة في القصبة، وسط العاصمة، ودعاهم إلى إخلاء الساحات، وقال لهم: «لا تضيّعوا هذه الثورة المجيدة، أنا صادق وكل القوات المسلحة صادقة لكي تصل بالسفينة إلى شاطىء السلام». وتابع، بحسب ما نقلت عنه وكالة «فرانس برس»، أن «الجيش حمى ويحمي العباد والبلاد... الجيش حامي هذه الثورة». وبدأت الحياة تعود في شكل تدريجي إلى المدارس الابتدائية والثانوية في تونس أمس، في حين لم يلتزم قسم من المدرّسين في المدارس الثانوية على الخصوص بقرار نقابة المعلمين الذي دعا إلى تعليق الدراسة حتى سقوط الحكومة، ما اضطر النقابة إلى تعديل قرارها وتحويله إلى اضراب ليوم واحد فقط. وشهدت المدارس نقاشات حامية بين المدرّسين المضربين وزملائهم الذين دخلوا الفصول والذين أكدوا أن تعليق الدراسة لن يفيد الثورة في شيء. وانتقد كثير من الطلاب وأولياء الأمور ما اسموه احتكار العماليين واليساريين لمسيرة الثورة، كما عبر عدد من أصحاب المكتبات والقرطاسية عن استيائهم من الدعوة إلى إضرابات متكررة، مشيرين إلى أن أصحاب الرواتب الشهرية لا يضرهم الاضراب بينما يتضرر أصحاب المحال التجارية من دون أن يكون هناك سبب قوي مقنع لاستمرار الاضرابات بعد رحيل الرئيس السابق. وفي الإطار ذاته، سجّلت التظاهرات الاحتجاجية التي تنظمها النقابات والأحزاب تراجعاً في حجم المشاركة فيها، فيما شهدت ساحة القصبة حيث مقر رئاسة الوزراء أول احتكاك بين رجال الأمن والمتظاهرين منذ رحيل الرئيس السابق، بعدما رفض المئات من المعتصمين هناك ترك أماكنهم وقضوا ليلتهم هناك على رغم قرار منع التجول المفروض. وسدّ المعتصمون الذين يطلقون على أنفسهم «قافلة الحرية» القادمة من مناطق مهمشة في داخل تونس وجنوب، مداخل الوزارات وأعاقوا الحركة مطالبين باسقاط الحكومة الحالية. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.