ردت إسرائيل على الموفد الأميركي الخاص لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مارتن انديك، الذي حمّل تل أبيب جانباً من المسؤولية عن انهيار محادثات السلام مع الفلسطينيين بسبب مواصلة عمليات الاستيطان، وقالت إن المبعوث نفسه لم يفعل شيئاً لإنقاذ المفاوضات، واتهمت انديك ب «النفاق» لأنه كان يعلم تفاصيل البناء الاستيطاني في القدس. وقال مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على المفاوضات طلب عدم ذكر اسمه ان «إنديك يلقي بالمسؤولية على الآخرين من دون أن يتحدث عن مسؤوليته عن المأزق الحالي». وأضاف: «عليه ان يتحمل مسؤولية الفشل الذي وصلت اليه عملية السلام»، لافتاً الى أنه «من الصعب الإشارة إلى أي مساهمة كبيرة قدمها (إنديك) للعملية». واعتبر المسؤول الاسرائيلي الذي رفض ذكر اسمه أن «أنديك كان منافقاً بين الجانبين مما أوصل الامور الى ما هي عليه»، متهماً أنديك بأنه «لم يكن صريحاً وواضحاً حيث انه كان يعلم كل تفاصيل عمليات البناء الاستيطاني بالقدسالشرقية خلال المحادثات ولم يعلق شيئاً عليها». وأوضح أن أنديك «تجول وعمل في المنطقة لسنوات ويعلم من هو الجانب المعطل للعملية السلمية»، زاعماً أن «المشكلة ليست في الجانب الاسرائيلي». وأشار الرد الإسرائيلي الحاد إلى استمرار التوترات العميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة بسبب المحادثات التي تقودها واشنطن وانهارت الشهر الماضي وسط اتهامات متبادلة. وكان انديك اتهم في مؤتمر استضافه معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى مساء الخميس، الزعماء الاسرائيليين والفلسطينيين بعدم الاستعداد لتقديم تنازلات «مؤلمة» لازمة للسلام، وحمّل الجانبين المسؤولية عن انهيار محادثات السلام الشهر الماضي، وأشار تحديداً إلى البناء الاستيطاني في الأرض المحتلة بوصفه عقبة. وانتقد إنديك أيضاً الفلسطينيين لإقدامهم على توقيع أوراق الانضمام الى 15 اتفاقية دولية من جانب واحد. وتحدث إنديك بالتفصيل عن إجراءات اتخذتها اسرائيل ويعتبرها غير بناءة، مشيراً الى خطط تم كشف النقاب عنها خلال المحادثات لبناء نحو ثمانية آلاف منزل على أراض يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية عليها. وقال انديك إن هذا يضعف الديبلوماسية من خلال إقناع عباس بأن نتانياهو ليس شريكاً جاداً في المفاوضات. وأعلنت إسرائيل بالإضافة إلى ذلك عن مناقصات لبناء 4800 وحدة سكنية في الأراضي المحتلة، لكن إنديك قال إن الفلسطينيين أشاروا في السابق إلى أن هذه المناطق ستذهب إلى إسرائيل في أي اتفاق للسلام. وقال المسؤول الإسرائيلي إن إنديك أبلغ بخطط البناء وأبلغ حتى بعدد الوحدات السكنية. وأضاف: «كذلك علم بأن إسرائيل وافقت على الدخول في المحادثات على هذا الأساس. وعليه ليس واضحاً لماذا ينتقد هذا الآن». وقال المسؤول الإسرائيلي الكبير إن إنديك «طلب حضور كل الاجتماعات على رغم أن الهدف كان أن تكون العملية ثنائية أساساً». وأضاف أنه في حين أن بعض جلسات المحادثات اقتصرت على الفلسطينيين والاسرائيليين فإن وجود انديك في جلسات أخرى أضر بفرص إحراز تقدم في المفاوضات. وقال المسؤول الاسرائيلي «في بعض الجلسات كان غيابه في الحقيقة ميزة». وقال المسؤول الإسرائيلي إن حكومة نتانياهو أبدت مرونة، فيما فشل إنديك في إقناع عباس بإبداء مرونة مماثلة. وأضاف انديك انه في حال استؤنفت المفاوضات فإن ترسيم حدود الدولة الفلسطينية المقبلة وأمن اسرائيل سيكونان «اساسيين»، اضافة الى ملفات اخرى مثل اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس. وقال انديك «متى يتم ترسيم الحدود فكل طرف حر في البناء داخل دولته»، في اشارة الى التوتر الناجم عن اعلان اسرائيل عن بناء 12800 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية وفي القدسالشرقية التي تم احصاؤها خلال الاشهر التسعة من المفاوضات. وأضاف اذا «استمر بناء المساكن في المستوطنات فان مفهوم اسرائيل دولة يهودية قد يتضرر كثيراً. ستكون مأساة ذات ابعاد تاريخية». وأكد المبعوث الاميركي ان عملية الاستيطان قد تؤدي يوماً ما الى «وضع اسرائيل بشكل لا رجعة عنه في واقع الدولة الثنائية القومية». وهذه الدولة «الثنائية القومية» التي تتعارض مع حل الدولتين تبقي الوضع على ما هو عليه بحيث يعيش اليهود والعرب في دولة واحدة. وفي هذه الحالة سيصبح تعداد العرب في غضون سنوات، بحسب العديد من علماء الديموغرافيا، اكبر من تعداد اليهود. وحذر انديك من ان «مواصلة الاستيطان بلا قيود - ولا سيما خلال المفاوضات - لا يقوض ثقة الفلسطينيين في هدف المفاوضات فحسب بل يمكن ايضاً ان يقوض المستقبل اليهودي لاسرائيل». وأضاف ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس شعر انه «اهين بالتصريحات الاسرائيلية الكاذبة التي اكدت انه موافق على التوسع الاستيطاني» مقابل الافراج عن اسرى فلسطينيين. ومع مرور الوقت «انغلق» على المفاوضات، مضيفاً: «هذا ليس التفسير الوحيد لحقيقة انه انغلق على المفاوضات، ولكنه السبب الرئيسي».