أثار عرض مرتقب لممثل كوميدي فرنسي من أصل تونسي ضمن برنامج مهرجان قرطاج الدولي، جدلاً واسعاً في تونس بعد موجة رفض ودعوات لإلغائه بدعوى مواقف الفنان اليهودي الداعمة لإسرائيل. وضمن عروض الدورة الثالثة والخمسين من مهرجان قرطاج الدولي، برمجت إدارة المهرجان عرضاً للكوميدي ميشال بوجناح في 19 يوليو (تموز) الجاري. وفور إعلان برنامج الدورة الجديدة، انفجرت موجة رفض كبيرة في تونس حيث بادر ناشطون بتوجيه رسالة مفتوحة إلى وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين يطالبون فيها بإلغاء العرض لأن الفنان لا يخفي مناصرته لإسرائيل والصهيونية. وميشال بوجناح ولد في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) 1952 في تونس، ودرس سنواته الأولى فيها قبل أن يهاجر في سن الحادية عشرة مع اسرته عام 1963 إلى فرنسا، ضمن موجة هجرة اليهود إلى أوروبا. هو مخرج وممثل كوميدي تناول في أعماله أوضاع اليهود التونسيين المهاجرين في أوروبا. ودعت حملة مناهضة الصهيونية في تونس وزير الثقافة إلى منع العرض المبرمج ضمن مهرجان قرطاج، معتبرة أن المهرجان لا يجوز أن يكون واجهة للتطبيع مع الصهيونية، مضيفة أن «بوجناح هو أبرز الوجوه الصهيونية التي لا ترى أي حرج في دعم إسرائيل وقادتها». ودعت إلى «عدم فسح المجال له ليمارس حربه الدعائية من على أحد أعظم مسارحنا ومعالمنا الثقافية والتاريخية، الأمر الذي سيتيح له أيضاً الولوج إلى شاشات التونسيين». ولم ينتظر مدير المهرجان مختار الرصاع كثيراً ليعلق على موجة الرفض، فقال إن «بوجناح تونسي من أصل يهودي لم يضر تونس أبداً ولم يهاجمها في تصريحاته». وأضاف أنه يتعامل معه كفنان تونسي لا يفوت فرصة الدفاع عن بلاده في كل المنابر التي تتاح له. ودعا إلى عدم تضخيم المسألة لأن هذه الأمور لا تخدم مصلحة تونس. ولم يهدأ الجدل عقب تصريحات الرصاع بل احتد نسقه بعدما انضم الاتحاد العام للشغل إلى الرافضين لإقامة عرض بوجناح. ودعا في بيان إلى «إلغاء عرض الكوميدي ميشال بوجناح لا باعتبار ديانته اليهودية، ولكن لمواقفه الصهيونية ومناصرته لكيان عنصري فاشي فضلاً عن خواء المضامين التي يقدمها». ولئن نأت وزارة الثقافة بنفسها عن التدخل في مضامين المهرجانات، فإنها تركت الباب مفتوحاً أمام إمكان تعديل العرض مع احتدام الجدل. وجاء في بيان أصدرته أمس: «اعتباراً لحساسية الموضوع واتخاذه مساراً سياسياً خرج عن سياقه الثقافي، فإن الوزارة ستقوم بالمشاورات المتصلة بالأطراف ذات العلاقة وذلك في نطاق مبدأ التشاور والتشاركية في أخذ القرار انسجاماً مع المصلحة العليا الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار». وتقام الدورة الجديدة للمهرجان بين 13 تموز (يوليو) و16 آب (أغسطس) بمشاركة عدد من نجوم الغناء والمسرح العربي، فيما ستشكل العروض المحلية نصف نشاطات الحدث الفني. وسيكون الافتتاح مع عرض للموسيقي التونسي الشاذلي القرفي بعنوان «ستون سنة من الموسيقى التونسية»، بمشاركة الفنانين التونسيين عدنان الشواشي وسلاف ومحمد الجبالي وأسماء بن أحمد ونور الدين الباجي.