تسبب الملف القضائي المتعلق بتوقيف بعض مطلقي النار ابتهاجاً بالناجحين في الشهادة المتوسطة الأسبوع الماضي والإفراج عن بعضهم بأسئلة، واندلاع سجال بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل سليم جريصاتي انطوى على ما يشبه الفضيحة، بعدما سأل رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل عن صحة إخلاء بعضهم، على رغم أن توقيفهم جاء بعد بلاغ من القوى الأمنية بتعقب من يطلق النار. وكان المشنوق طالب «بوقف التدخلات السياسية وتعامل القضاء بجدية أكبر حيال موضوع الموقوفين بقضايا إطلاق النار العشوائي»، وشدّد على أنّ «ظاهرة جرائم القتل المتعمد مردها العقل المتفلت». ولام المشنوق «السياسيين على تدخّلهم لإطلاق بين 70 و80 موقوفاً من أصل 90 جهدت قوى الأمن الداخلي لتوقيفهم خلال أسبوع كامل، بسبب إطلاقهم رصاص الابتهاج بالنجاح، وخرج بعضهم بعد نصف ساعة أو ساعة بسبب تدخلات سياسية لدى القضاة». وشدّد على أنّ «ما جرى يهدّد الأمن، لأنّ من يعرف أنّه سيخرج فوراً بواسطة سياسي يدعمه لن يتورّع عن إطلاق النار». وأضاف: «نحن في وزارة الداخلية نقوم بواجبنا كقوى أمن على أكمل وجه، على الأقل 90 في المئة من المطلوبين بجرائم قتل يتم اعتقالهم وتسليمهم إلى القضاء بسرعة قياسية، لكن كيف يتعاطى القضاء معهم، هذه المسألة ليست مسؤوليتنا». وسأل السياسيين: «هل تقبلون أن تتوسطوا لإخراج موقوف أطلق الرصاص وقتل بريئاً من أقاربكم؟ هناك بعض مطلقي النار لم يصل إلى المحكمة العسكرية حتى، بل اكتفى القضاء بأخذ إفاداته في المخافر، والقاضي المعني أطلقهم. هذه المسألة يتحمل مسؤوليتها في الجزء الأكبر التدخل السياسي والقضاء المتساهل». وكشف أنّه اتصل برئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ووزير العدل، «وكانوا متجاوبين وأكثر حماسة واندفاعاً مني لمنع تدخل السياسيين، وقد يكون هذا الأمر سبباً لمناقلات قضائية سريعة كانت تأخرت في الفترة الماضية، ووعد رئيس الجمهورية بعقد اجتماع لمجلس القضاء الأعلى ولمجلس الدفاع الأعلى لوضع حد لهذه المسائل». ونشر النائب الجميل، صورة على مواقع التواصل الإجتماعي، تظهر تصريحاً تلفزيونياً للمشنوق. وأرفق الصورة بسؤال: «هل هذا الخبر صحيح معالي الوزير؟». وسرعان ما رد المشنوق على الجميل. وقال: «نعم صحيح... بتدخلات من سياسيين لدى القضاء». ورداً على الرد، هنأ الجميل وزير الداخلية على «جرأته وإقراره بالتدخلات السياسية في القضاء»، وقال: «من حقنا أن نعرف من هم السياسيين الذين يغطون مطلقي النار». كما توجه الى مجلس القضاء الأعلى قائلاً: «انتم مسؤولون عن استقلالية القضاء، ومنع هذا التدخل، وإذا كانت لوزير الداخلية معلومات يجب السؤال عنها، والقاضي الذي يخضع للتدخلات السياسية يجب محاسبته، ولن نرجع الى وزير العدل سليم جريصاتي الذي للأسف يأخذ طرفاً في الموضوع كما حصل حين رفعت السلطة دعوى ضد المعارضة».وطالب الرئيس عون بمتابعة الملف ورد مكتب وزير العدل معتبراً كلام وزير الداخلية في شأن إطلاق مطلقي النار لأسباب تتعلق بالخلفية السياسية «عارٍ من الصحة، ذلك أن إطلاق عدد من الموقوفين تم لعدم ثبوت الدليل ليس إلا، فيما أبقي على عدد آخر بعد ثبوت الدليل وهم قيد المحاكمة وفقاً للأصول»، ولفت الى أن «التصدي للتفلت الأمني مسؤولية وطنية لا تحتمل التجزئة وتقاذف المسؤوليات. كما رد مكتب جريصاتي على الجميل قائلاً إنه لم يفهم بماذا يتهمنا رئيس حزب الكتائب بأننا نأخذ طرفاً بكل شيء، في حين نشاطره تهنئة وزير الأمن على شجاعته، وهنيئاً للحريات العامة والسلم الأهلي بتبادل التهاني بين الشيخ والأستاذ»، إلا أن الوزير الطرف يقول: «إرفعوا أيديكم عن القضاء ولا تعيبوا على وزير العدل الشيء وعكسه، فالشعب سئم الديماغوجية».