بعيداً من الأجواء الحماسية التي يفترض أن ترافق عملية انتخاب زعيم لحزب عريق، أجريت أمس الانتخابات الداخلية لزعامة حزب «العمل» الإسرائيلي، الذي يمثل تيار يسار الوسط المتراجعة شعبيته باستمرار منذ 17 عاماً لمصلحة تكتل اليمين– المتدينين، ووسط استطلاعات رأي تفيد بأنه لو أجريت انتخابات عامة اليوم لحصل الحزب في أحسن الأحوال على 12 مقعداً فقط. وتنافس على زعامة الحزب سبعة مرشحين أبرزهم زعيمه الحالي اسحاق هرتسوغ والسابق عمير بيرتس، الذي عاد إلى الحزب بعد «فترة طلاق» ونجح وفق التوقعات في أن يكون نداً مساوياً لهرتسوغ، فيما سائر المرشحين من الوجوه الجديدة في الساحة الحزبية. وحيال العدد الكبير من المرشحين ساد التوقع بأن أياً منهم لن يتمكن من بلوغ نسبة 40 في المئة على الأقل من الأصوات المطلوبة ليفوز بزعامة الحزب، وأنه لا بد من جولة ثانية الأسبوع المقبل بين الاثنين اللذين سيحصلان على أكبر نسبة من الأصوات. وكان حزب «العمل» بمسميات مختلفة ترأس الحكومات الإسرائيلية لنحو 40 عاماً، منها 29 متتالية منذ إقامة الدولة العبرية حتى العام 1977 حين أطاح به «ليكود» اليميني عن الحكم. وعاد الحزب إلى مجده لأربع سنوات فقط عام 1992 حين أطاح اسحاق رابين بحزب «ليكود» عن الحكم وبقي فيه حتى يوم اغتياله ليعود «ليكود» مع بنيامين نتانياهو إلى الحكم، ثم يستعيد ايهود باراك الحكم لعامين ليس أكثر لتخلو الساحة مذاك الوقت لليمين. ولعل تراجع عدد أصحاب حق الاقتراع في الانتخابات الداخلية للحزب من 300 ألف منتسب عام 1996 إلى 52 ألفاً فقط الآن هو المؤشر الأوضح لانحسار نفوذه في الشارع الإسرائيلي وفقدان أمله في استعادة الحكم، خصوصاً حيال مواقفه المتذبذبة من عملية السلام مع الفلسطينيين، ولهاث عدد من زعمائه للالتحاق بحكومات اليمين. وأوجزت المعلقة في الشؤون الحزبية سيما كدمون وضع الحزب في مقال نشرته في «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «المنتصر الذي لن ينتصر»، كتبت فيه أن منتسبي حزب «العمل» الذين ذهبوا أمس إلى صناديق الاقتراع «لم يذهبوا بشعور أنهم ينتخبون رئيس الحكومة المقبل، أي ذاك الذي يطيح بنتانياهو واليمين عن الحكم، إنما فقط انتخاب زعيم لحزب تتوقع استطلاعات الرأي أن يأتي رابعاً على قائمة القوائم الأبرز، حتى بعد القائمة العربية المشتركة». وأضافت أن هذه الحقيقة لا يتناقش حولها اثنان في الحزب «بل إن المرشحين أنفسهم يسلمّون بها، ولا يظن أي منهم أنه الحصان الفائز الذي سيُنزل نتانياهو واليمين عن الحكم... وجميع المرشحين يصلحون لتولي حقيبة وزارية في أحسن الأحوال».