إنشاء أكاديمية عربية للسياحة الشبابية، قرار توّج المؤتمر العربي للسياحة الشبابية، الذي عقده أخيراً الاتحاد اللبناني لبيوت الشباب بالتعاون مع نظيره العربي وحضور الدكتور ممدوح مندور ممثلاً للاتحاد الدولي، تحت عنوان «تواصل – اختبار – مغامرة»، وبمشاركة مندوبين وناشطين واختصاصيين من 11 بلداً، ناقشوا مفهوم السياحة الشبابية العربية بين الواقع «المتعثّر» والمرتجى «الوردي» الذي يمكن أن يحرّك «كتلة تبادل ايجابية» تصل الى مليون سائح شاب في مراحلها الأولى. وطبعاً، لبيوت الشباب دور أساس في هذا الإطار. ويعتبر إطلاق الأكاديمية وافتتاحها قريباً في بيروت، كسباً للاتحاد اللبناني لبيوت الشباب، لا سيما أن لبنان نقطة جذب سياحية كما أوضح رئيس الاتحاد أنيس عبد الملك، وستنشّط الأكاديمية أقسام الأبحاث والتوثيق والتسويق والتدريب، وتعمل على ايجاد تشريعات لتطوير التزاور بين البلدان العربية وتسهيله. وهدف المؤتمر إلى رفع الوعي بأهمية دور الشباب ولتنمية السياحة الشبابية وفهم المبادئ والأساسيات المتعلقة بها عموماً والاستفادة من الخبرات العربية والدولية في هذا المجال سعياً الى تطوير السياحة الشبابية ما بين البلدان العربية وداخلها، وإدارة هذا النوع من السياحة بطرق سليمة وتبادل الخبرات والتجارب على المستويات المحلية والإقليمية والعربية في هذا المجال. وتركز البحث على توحيد مفاهيم السياحة الشبابية في العالم العربي وخصوصاً بين جمعيات بيوت الشباب، ووضع الأسس والاقتراحات من أجل تدعيم قدرات القيمين وتطوير مهارات المعنيين ببرامج السياحة الشبابية في جمعيات بيوت الشباب العربية والمؤسسات الشريكة، وتحديد اقتراحات لوضع خطة مستقبلية لتسويق برامج السياحة الشبابية وللتشبيك بين بيوت الشباب في مختلف البلدان العربية، فضلاً عن دراسة إمكان نشر ثقافة السياحة الشبابية وتعميمها على المؤسسات التربوية والاجتماعية والأهلية، وإقرار شرعة مشتركة بين جمعيات بيوت الشباب العربية لتكون بيوت الشباب مركزاً لاكتشاف الذات وتطويرها وللحوار والتلاقي وتقبّل الآخر. ولبيوت الشباب في العالم دور مساعد لذوي الإمكانات المادية المحدودة، واختبار الحياة الريفية والمدنية وتقديم الفرص لهم للسفر والإقامة في مراكز بأسعار مقبولة (نحو 20 دولاراً في الليلة بدل المنامة والفطور) من دون تمييز على اساس العرق والجنسية واللون والدين والرأي السياسي. ورواد بيوت الشباب هم من المتزوجين وأولادهم والشباب المتنقل راجلاً حاملاً كيس أغراضه على ظهره، وآخرون من أعمار مختلفة يستخدمون هذه البيوت كخطوة لاكتشاف الثقافة والحفاظ على البيئة. ويوجد في العالم 5 آلاف بيت للشباب موزعة على 60 بلداً (120 بيتاً في الجزائر وحدها) تمتاز بتنوعها وأشكالها المختلفة وحجمها تجعل من هذه الشبكة العالمية مؤسسة فريدة من نوعها. وتقدّم بيوت الشباب مبيتاً لائقاً مختلفاً في كل مرة، وتديرها جمعيات لا تبغي الربح، وهي عضو في الاتحاد الدولي، وتضمن الإقامة الجيدة الآمنة والمريحة بأسعار مقبولة. ولا يوضع شعار الاتحاد الدولي لبيوت الشباب على أي بيت إذا لم تتوافر فيه المعايير الدولية والإدارة الفنية المدرّبة. ويتيح الاتحاد الدولي فرصة السفر لأكبر عدد من الشباب في العالم لزيادة ثقافتهم والتعرف الى الحضارات واللقاء مع أقران لهم، ما جعل هذه الشبكة المتنامية في صلب السياحة العالمية تسهم في الدخل القومي للبلاد. وتنفرد بيوت الشباب بالحفاظ على تقديم الاستقبال الجيد للنزلاء والحرص على النظافة الداخلية والخارجية للبيت، وتوفير سبل الأمن والأمان للمقيمين ونشر جو من المحبة والصداقة في البيت، وكذلك الراحة والنوم الهادئ للنزلاء . ولفت عبد الملك الى أن السياحة الشبابية في العالم حازت في الأعوام الأخيرة اهتماماً كبيراً من الجهات الرسمية والقطاعين الأهلي والخاص، وخطت البلدان، وإن في شكل متفاوت، خطوات متواضعة لتطوير السياحة الشبابية التي تحتاج إلى الكثير من التنمية والتحديث على المستويين البشري والمادي، بحيث تكون متوافقة مع القيم والتراث الثقافي والحضاري والأخلاقي، كما أن للسياحة الشبابية مستقبل مشرق لما يشكله الشباب من طاقة وقدرات يجب الاستفادة منها كما وجب السعي الدائم لتمكينهم وتفعيل دورهم في المجتمع ومع أقرانهم. وأوضح عبد الملك أن مؤتمر بيروت أكد أن السياحة الشبابية إذا ما أديرت بطرق قابلة للاستدامة، يمكن أن تمثّل فرصة اقتصادية قيمة لبيوت الشباب وتنمّي التبادل الشبابي بين البلدان العربية ما يساعد على تقريب الشباب العربي من بعضهم بعضاً وعلى تقبّل الآخر من خلال التعرّف اليه ومحاورته بعيداً من التحيّز والانغلاق على الذات. وما تقدّم يجسّد الطرح الجوهري الذي يسمو بالسياحة الشبابية بعيداً من مناسبات اللهو و «الترفيه المجاني»، ويبلّور شعار المؤتمر. وكانت الشهادات وعرض التجارب من قبل جمعيات وباحثين وخبراء خلال محاور المؤتمر خير مثال على هذه الأهداف. مئوية... وخطوات عربية وتحتفل بيوت الشباب في العالم بالمئوية الأولى لإنطلاق حركتها. وبالمناسبة، دعا رئيس الاتحاد العربي القطري خالد الملا الذي حضر افتتاح المؤتمر إلى تحديد مفهوم السياحة الشبابية بوضوح والاستفادة منها لنشر الثقافة، مؤكداً أن الاتحاد بدأ خطوات تطويرية تتعلق بنظام الجودة والحجز الإلكتروني. وكان المكتب التنفيذي للاتحاد العربي المنتخب مطلع الشهر الماضي في الدوحة ، إلتأم برئاسة الملا وحضور نائب الرئيس علي حسن البشير (السودان) والأعضاء المنصف بن منصور (تونس) وأحمد عاشور (الجزائر) وغازي السبيعي (الكويت) وحسن شرارة (لبنان)، والأمين العام سيد جعفر (مصر)، حيث وافق على مقترح لبنان إنشاء أكاديمية للتخطيط والإعداد والمتابعة والتنسيق في بيروت. وكلف المجتمعون شرارة بمهمات الإعلام والتسويق وتكنولوجيا المعلومات بما فيها إعداد دراسة إعلامية تسويقية تتضمن بناء موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت وإصدار مجلة أو نشرات. وكلفوا أمين السر العام للاتحاد اللبناني أحمد رمضان بإعداد دراسة تتعلق بكيفية العلاقة الممكنة مع المنظمات الدولية وآلياتها. عرف لبنان بيوت الشباب منذ عام 1963، ونشطت في أرجائه ثلاثة منها الى أن «اندثرت» كلها بسبب الحرب الأهلية. غير أن الرئيس الحالي أنيس عبد الملك المحرّك الفعلي لهذا القطاع وأحد مؤسسي الاتحاد العربي عام 1972، أبقى على تواصل معنوي اسهم لاحقاً في إنعاش الاتحاد وإعادة إحيائه وإطلاقه في 30 آذار (مارس) الماضي. ويضم حالياً 7 جمعيات، ويسعى الى إبرام اتفاق مع فنادق من فئة ثلاث نجوم في بيروت، لتوفّر إقامة بمواصفات بيوت الشباب ومعاييرها باعتبار أن هناك صعوبات في ايجاد بيت في العاصمة اللبنانية. وسبق أن عقد الاتحاد اللبناني مؤتمراً سياحياً محلياً عام 2002، شكّل خطوة ايجابية لسبل التعاون مع الجمعيات الشبابية والأهلية والوزارات والهيئات الرسمية المعنية. كما أدرجت نشاطات الاتحاد وبيوت الشباب على روزنامة وزارة السياحة في إطار المشاركة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص والتكامل خصوصاً ضمن مشاريع التنمية المستدامة في المناطق الريفية. وشهد المؤتمر العربي بحوثاً ونقاشات وعروضاً تعزيزاً لهذا التوجّه الذي يحتاج دائماً الى متابعة حثيثة. وأوضح عبد الملك أن البيوت اللبنانية سجلت 10 آلاف ليلة العام الماضي، معظمها من خلال سياحة داخلية، علماً أن عدد الليالي في العالم فاق ال40 مليون ليلة. وأشار الى أن حجز الإقامة محلياً وخارجياً إلكتروني. وعرضت على هامش المؤتمر كتيبات وملصقات وصور وأفلام حول النشاطات الشبابية المختلفة التي تنظمها الجمعيات الشبابية والأهلية والجامعات، إضافة الى منصات ومعلومات عن بيوت الشباب العربية والنشاطات السياحية والمتنزهات والمنتجعات والمؤسسات التي تعنى بنشاطات الهواء الطلق. بطاقة العضوية تعتبر بطاقة العضوية نافذة الى شبكة بيوت شباب آمنة ونظيفة حول العالم، وتوفر حسومات على الإقامة والنشاطات والرحلات في بيوت بلدان عدة، فضلاً عن بطاقات الدخول الى المتاحف والمراكز الثقافية، وتخفيضات على حزمة واسعة من خدمات السفر والسياحة.