قال السفير السعودي لدى تركيا وليد الخريجي أمس، إن الخلاف مع قطر هو «خلاف سياسي وأمني لا عسكري» وأنه «لا يستهدف سيادتها بأي حال من الأحوال»، مشدداً على حرص المملكة على «أمن وسلامة قطر». وأكد السفير الخريجي في حديث لوكالة أنباء الأناضول التركية، أن «الحصار عادة يتم عن طريق قرارات الأممالمتحدة، أما المقاطعة فهي أمر سيادي يقوم به كل بلد لحماية أمنه الوطني». وأضاف: «أن المسألة هي ليست كونها انزعاجاً من ممارسات سياسية فالمبدأ السيادي للدول يحفظ لها الحق في الممارسات السياسية، ولكن تصرفات قطر على أرض الواقع هي تصرفات تهدد من خلالها الدوحة أمن جيرانها ودول المنطقة، وما قامت به قطر واقع يجب قراءته على انه نهج مستمر لها سارت عليه منذ سنوات، ومع ذلك فالإجراءات المتخذة ضد قطر إنما تأتي في المقام الأول لحمايتها من تبعات الأعمال غير المحسوبة». وأضاف أن الولاياتالمتحدة «دولة كبرى، ودولة مؤسسات في نظامها السياسي، ولها سياساتها المؤسساتية المستقلة، ومن الطبيعي أن تنظر إلى مصالحها شأنها شأن أي دولة أخرى، وهي دولة صديقة للمملكة، وتاريخ العلاقات الوطيدة بين الرياض وواشنطن معروف للجميع، والاتفاقات الأمنية المشتركة بينهما هي أحد ثوابت سياسة المملكة الدفاعية، فلا غرابة أن تعقد المملكة صفقات أسلحة معها لحماية أمنها الوطني». وأضاف أن «المسؤولية الأمنية المناطة بالمملكة تتطلب منها عقيدة دفاعية قوية واستثمارات عسكرية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار للمملكة ودول المنطقة، ورؤية المملكة 2030، في هذا الجانب العسكري والدفاعي ستحقق لها أن تكون من ضمن الدول ذات الوزن في القوة العسكرية في العالم». ورداً على سؤال حول ارتباط مقاطعة بعض الدول الخليجية لقطر بقمة الرياض الأخيرة، قال إن «قطر نفسها كانت حاضرة فيها ممثلة في أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وحضورها هذا المحفل الدولي الذي يدعو الى توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب يعني موافقة الدوحة ضمنياً أن تكون شريكاً مع بقية الدول لمحاربة الإرهاب، ولنقل إن القمة كانت رسالة وفرصة أخيرة لقطر لتراجع تصرفاتها، وتصحيح مسارها والتوقف عن دعم وتمويل الإرهابيين والكيانات الإرهابية، ولكن قطر لم تستغل هذه الفرصة للأسف واستمرت على نهجها، فكان من الطبيعي أن تتخذ المملكة والدول الأخرى قرار المقاطعة». وأشار إلى أن «كلاً من السعودية والإمارات والبحرين ومصر استمرت على مدى سنوات تطالب من قطر الكف عما يزعزع أمنها، ويخالف الاتفاقات الموقعة بينها ثنائياً وجماعياً في إطار مجلس التعاون الخليجي». وأضاف: «تحاورنا مع قطر كثيراً خلال 20 عاماً، وتعهدت لنا كثيراً، وأهم هذه التعهدات كان في اتفاق الرياض في 2013، والاتفاق التكميلي في 2014، ولكن الدوحة نكثت الوعود ولم تحترم هذه الاتفاقات». وأشار إلى أنه «سبق أن قدمت السعودية ودول أخرى لقطر قوائم بأسماء مطلوبين متورطين في أعمال إرهابية ونشاطات استهدفت أمن واستقرار المملكة ومواطنيها، وعلى رغم الوعود بوقف نشاطهم إلا أن قطر استقبلت المزيد منهم، وسمحت لهم بالتآمر ضد دولهم، ومنحت البعض منهم جنسيتها، ومنهم قيادات تابعة لجماعات إرهابية ومتطرفة». وشدد الخريجي على أن «قطر تملك سجلاً سيئاً في التعامل مع المتهمين والمشبوهين والمبلغ عنهم دولياً، إذ سبق مثلا للسلطات الأميركية أن طلبت من قطر اعتقال ممول العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر (أيلول 2001)، خالد شيخ، لكن قطر قامت بإطلاق سراحه في 2009، بعد سجنه لمدة لم تتجاوز ستة أشهر، ومنذ إطلاق سراحه ثبت أنه متورط في عمليات تمويل أنشطة إرهابية في العراق وسورية وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية». وأكد على اتهام قطر بالتورط في «رعاية ودعم جماعات إرهابية وطائفية منها تنظيمات داعش، وجبهة النصرة المتربطة بتنظيم القاعدة، وأحرار البحرين، وحزب الله، وبعض ممن ينتسبون لجماعة الاخوان ويقومون بأعمال إرهابية، وسرايا الدفاع عن بنغازي في ليبيا، وغيرها، إضافة إلى دعم نشاطات جماعات إرهابية مدعومة من إيران في المملكة ومساندة الحوثيين في اليمن». وبشأن دعوة الرئيس أردوغان لخادم الحرمين الشريفين لحل الأزمة الخليجية، قال الخريجي: «الملك سلمان، ليس كبير منطقة الخليج وحسب، وإنما هو خادم الحرمين الشريفين، والمملكة قِبلة المسلمين، وبذل جهداً كبيراً لكي تكون قطر ضمن السياق الخليجي، وقوبل صبره على الدوحة بالتمادي في المواقف القطرية التي تضر بمصلحة دول مجلس التعاون ككل». وبشأن مقترح إنشاء قاعدة تركية عسكرية في السعودية، أكد أن «المملكة لا يمكنها أن تسمح لتركيا بإقامة قواعد عسكرية تركية في البلاد، وأنقرة تعلم جيداً أن المملكة ليست في حاجة إلى ذلك، والقوات السعودية المسلحة وقدراتها العسكرية في أفضل مستوى، ولها مشاركات كبيرة في الخارج، بما في ذلك قاعدة أنجيرليك في تركيا، لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة». وحول ما إذا كانت السعودية تعتبر حركة «حماس» الفلسطينية منظمة إرهابية، قال الخريجي، إنه لا يعتقد بوجود دولة في العالم قدمت الدعم المتواصل للشعب الفلسطيني أكثر من المملكة، وإن سجل الأرقام سواء في المحافل الدولية ام غيرها واضح وجلي، وكانت للمملكة جهود كبيرة للمصالحة بين حركتي فتح وحماس عام 2007 كما كان ذلك في أقدس بقعة على وجه الأرض في مكةالمكرمة، واقسموا أمام الكعبة المشرفة، ولكن للأسف اُجهضت جهود المملكة البناءة في لم الشمل الفلسطيني، وموقف المملكة تجاه حماس يتوقف على تصرفاتها مستقبلاً». وأضاف: «لا بد أن تنأى حماس بنفسها فعلياً عن ممارسات بعض ممن ينتسبون لجماعة الإخوان المسلمين، وينتهجون النهج والفكر العدائي». آل خليفة: على قطر الالتزام بتعهداتها للدول المقاطعة لها تلقى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة اتصالاً هاتفياً أمس، من نظيره الأميركي ريكس تيلرسون. وتم خلال الاتصال تبادل وجهات النظر والتباحث حول قطع العلاقات مع قطر، والسبل الكفيلة للتوصل إلى نتيجة تضمن الأمن والسلام في المنطقة، إذ شدد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة على أهمية التزام قطر بتعهداتها السابقة، وبالمطالب التي قدمتها الدول المقاطعة لها، وذلك لتحقيق ما يصبو إليه الجميع من استقرار لدول وشعوب المنطقة، والقضاء على الإرهاب ومن يدعمه ويموله، والمضي قدماً في عملية التنمية والتقدم. السفير الأميركي لدى الكويت: لدينا هدف مشترك في إنهاء الإرهاب أكد السفير الأميركي في الكويت لورانس سيلفرمان أمس، تأييد بلاده «الجهود التي تبذلها الكويت للتوسط في الخلاف الخليجي مع قطر». وقال السفير سيلفرمان في بيان له أمس: «إن هناك حاجة قوية إلى حل هذا الخلاف في أقرب وقت ممكن من طريق الحوار الدبلوماسي»، ولفت إلى أن بلاده تواصل «المشاركة في هذه المسألة، نحث البلدان المعنية على أن تترك الفرصة مفتوحة للتفاوض، وندعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس لإيجاد حيز للتوصل إلى حل عادل للخلاف». وشدد على أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها وشركاءها «أقوى عندما يعملون معاً من أجل هدف واحد مشترك، وهذا الهدف هو وقف الإرهاب ومواجهة التطرف»، مجدداً دعم بلاده للوساطة الكويتية. الفيحاني: لا قضايا إنسانية جراء المقاطعة اجتمع رئيس وفد المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان البحرينية سعيد الفيحاني في جنيف أمس، مع المساعد الخاص للمفوض السامي لحقوق الإنسان مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور، إذ تم التطرق إلى موضوع قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوالبحرين وجمهورية مصر العربية. ونفى رئيس المؤسسة الوطنية ما أثارته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر من مزاعم عن وجود انتهاكات إنسانية لعددٍ من الحقوق الأساسية، موضحاً أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أصدر أمراً ملكياً بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة البحرينيةوالقطرية - إن وجدت - تقديراً للشعب القطري، إذ خصصت وزارة الداخلية البحرينية رقماً خاصاً لتلقي هذه الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها لتسهيل أمورهم بغية الحفاظ على نسيج الأسرة الخليجية. وأكد أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين من خلال موقعها الحقوقي وكونها جزءاً من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية، تعمل على مراقبة الوضع عن كثب للتأكد من عدم المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين، مشيراً إلى أنه لم يتقدم أي فرد أو عائلة إلى المؤسسة الوطنية بأي شكوى تتعلق بتبعات قطع العلاقات الدبلوماسية. وقال الفيحاني: «يجب التركيز على الأسباب الرئيسة التي دعت البحرين والدول الأخرى إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، والعمل على إيجاد حلول دائمة وعملية وعدم إضاعة الوقت لخلق مشكلات جديدة وقضايا لا تمت للواقع بصلة».