بعد أن «كلَّ متنه» من طرق أبواب الكثير من المؤسسات المعنية باستخراج التراخيص اللازمة لإنشاء مركز لتدريب المكفوفين على «التدليك الطبي»، لم يجد حسني بوقس طريقة أخرى أمامه لتحقيق حلمه سوى استخدام «بدروم» منزله مكاناً لتدريب المكفوفين مجاناً على التدليك الطبي الاسترخائي. وقال إنه قبل أن يتعلم بنفسه هذا النوع من التدليك: «عرضت الفكرة على إحدى المؤسسات، إلا أن إجابات المسؤولين ظلت تبادرني بالرفض، معللين ذلك بأن الفكرة جديدة ولن يتقبلها المجتمع بسهولة، ونظراً إلى إصراري على تحقيق هدف طالما اقتنعت به لم أطأطئ رأسي أو أجرجر ذيول الخيبة، فمضيت في تعلم هذا النوع من التدليك حتى تمكنت منه وعرضته على منظمة برايل بلا حدود الدولية التي وفرت لي فرصة التدريب في الهند»، وأضاف: «عدت بعد سنوات من المثابرة في بلاد المهجر والانقطاع فيها من أجل هدفي الأول لتواجهني من جديد معوقات عند محاولة إقناعي الجهات المعنية بما عدت به، بيد أنني لم أجد أي تجاوب منهم». حلم بوقس لم يحصره على نفسه، إذ أبان أن الهدف من هذه الخطوة هو فتح باب وظيفي جديد أمام المكفوفين لكسب عيشهم، مشيراً إلى أنه عمل في جمعية «إبصار الخيرية»، وكانت آخر وظيفة له هي مدير الموارد البشرية، ما جعله على معرفة كبيرة بالمعوقين بصرياً الذين وجد غالبيتهم محصورين في نوعين من الوظائف، هما التدريس واستقبال المكالمات الهاتفية (عامل سنترال). واسترسل: «سجلت اسمي في سبعة ملتقيات نظمت من أجل توظيف المكفوفين، وعلى رغم تأهيلي العلمي والعملي (حاصل على الماجستير) ومعرفتي للغة أجنبية، لم أتلق أي اتصال من الشركات المشاركة في هذه الملتقيات». وتعرض بوقس للإعاقة البصرية عندما تعدى ال40 من عمره، صُرف بسببها من عمله في أحد القطاعات الحكومية التي عمل فيها سنين عدة. واستهوت فكرة بوقس مجموعة من الشبان المكفوفين، إذ يرى محمود (27 عاماً)، وهو أحد المتدربين الذين أقبلوا على المشاركة في الدورة التي نفذها بوقس، أنها تجربة ود خوضها لتعلم شيء جديد للاستفادة منه، خصوصاً أنه لا توجد فرص عمل كثيرة متوافرة أمامه، مبدياً أمله في أن تفتح له هذه الدورة سبيلاً لإنشاء عيادة للتدليك تكون بمثابة مصدر رزق له. وعن واقع توظيف المكفوفين في المملكة، وفرص العمل المتوافرة لهم، أوضح الأمين العام لجمعية إبصار الخيرية محمد توفيق بلو أن أكثر المكفوفين يعملون في وظيفة مأمور السنترال. وأشار إلى أن نسبة المكفوفين من الموظفين الذين سرحوا من أعمالهم بعد إصابتهم بالإعاقة البصرية هي الأكبر من بين أعداد المكفوفين الموجودين في المملكة، وذلك بسبب عدم وجود البيئة المناسبة لهم في أمكنة العمل التي من المفترض أن تخلق لهم فرص أخرى للاستمرار في العطاء في الوضع الجديد. وقال: «ما يحصل هو إحالة المصاب بالإعاقة البصرية إلى التقاعد مباشرة، أو تركه بنفسه العمل بسبب الإحباط، ما يؤدي إلى تسريب وخسارة للخبرات والمؤهلات». وحث مدير صندوق الموارد البشرية في جدة، هشام لنجاوي القطاعات الخاصة على الاستفادة من قدرات هذه الفئة، خصوصاً مع وجود المزايا المقدمة من الصندوق، مشيراً إلى دعم الصندوق لكلفة التدريب بنسبة 75 في المئة، وصرف النسبة نفسها كمكافأة أثناء التدريب، إضافة إلى 50 في المئة من الراتب بعد تخرجه لمدة سنة.