ما أسوأ أن يساكن الجهل العقل البشري ويحتله! ويلقي بعتمته المخيفة على نواصي الفضيلة داخله، فيحيلها خطراً ماحقاً، ويطرد النور من القلب والعقل معاً، متطاولاً ومستشرياً ومستغلاً لؤم من يفسح له المجال لمساكنته! أين الوعي الديني الشرعي، الذي من المفترض أن يكون سداً منيعاً يقف حائلاً في وجه كل دعوة تدعو إلى الجهل والفساد؟! إن هذه الرسالة توجه إليكم أيها الإرهابيون... نعم إرهابيون، على رغم أنوفكم! سواءً أقبلتم هذا المسمى، الذي هو أليق ما يكون مجسداً لواقعكم المرير جداً!... نعم رغماً عن أنوفكم التي اعتادت على شم النار والبارود والمتفجرات، بعد أن كانت لصيقة برائحة ورق العلم ومدارسة أهله، والحرص على إبداء محاسن التدين والتربي في حجور الصالحين، وهي، مع الأسف، تضمر الولاء للشياطين وأحزابهم وجنود إبليس أجمعين المنتشرين في أصقاع الدنيا! فلم تكن تلك سوى بدايات، حال بينكم وبين استمرارها الجهل والشيطان! إنني أكتب هذه السطور وأنا واثق أن من يتسنى له قراءتها منكم يعي تماماً في قرارة نفسه أنها لا تعني أحداً سواه، كما أنه يدرك أنه قد تورط في جهله الذي قادهُ إلى الهاوية! نعم أيها الناكصون على أعقابكم، وأنتم قد آواكم التشرذم، ولفكّم الضياع، بعد أن كنتم تظنون أنّ بريق النور الكاذب في سطوعه المنتشر على سحناتكم الظالمة سيشفع لكم عند خلق الله، أو عند من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. هيهات أن يجد من يكسر جناحي الطاعة لوالديه ويعوقهما أن يجد ريح الجنة! سأعود لأذكركم بحديث نبوي شريف، لعلّه كان في صلب ما درستموه في بداياتكم، عندما كنتم تدّعون أنكم أصّحاء وأسوياء؟! ألم تكونوا تعلمون أنّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» حين حذر من فتنة الخوارج وأمر بقتلهم، بيّن أنهم إنما أُتوا من قبَل جهلهم وقلة فقههم، فجنوا على أنفسهم وعلى أمتهم، ولم يشفع لهم حسن نيتهم، وسلامة قصدهم، وكثرة عبادتهم، فعن على بن أبي طالب «رضي الله عنه» قال سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» يقول: «سيخرج في آخر الزمان قومُ حدثَاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمّية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة»، رواه البخاري. فمن هم الذين يمثلون هؤلاء الخوارج في واقعنا المعاصر؟ مَنْ هم إن لم تكونوا أنتم؟! حتى أئمة الضلال الذين يقفون وراءكم في أصقاع الحياة الدنيا قد جاء ذكرهم على لسان أشرف المرسلين «صلى الله عليه وسلم»، فعن علي «رضي الله عنه» قال: «كنّا جلوساً عند النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وهو نائم، فذكرنا الدجال فاستيقظ محمّراً وجهه فقال غير الدجال أخوف عندي عليكم من الدجال: أئمة مضّلون»، رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، فمن يكون الضاّلون المضلون إذا لم يكونوا هؤلاء هم «حزب الشيطان» الذين يوجهونكم ليل نهار، ويستغلون حداثة أسنانكم، وسفاهة أحلامكم، ووجدوكم أرضاً خصبة وسهلة لتحقيق إفكهم، ونبتتهم الضاّلة، وأسأله سبحانه أن يحيق بهم، كما أحاق بأسلافهم من رؤوس الطغيان! ألم تهزهم مشاعر الأم المكلومة في ابنها «هدى الحربي»، تلك المرأة التي سكنتها حرقة الأمومة، مناشدة ابنها الذي انفلت في غياهب التشدد وقائمة ال «47» ضائعاً ومدمراً، وسؤالي أين ابنها من خوف الله الجليل الرقيب الحسيب؟ أين هو من الموقف العصيب، يوم أن تلتقي الخصوم فيقتص للشاة الشماء من القرناء؟ يا ويله إن لم يثب إلى رشده، وثلته المارقة عن الدين سراعاً، ليعود إلى أمه الرؤوم وبلده الطيب المبارك، ليتفيأ ظلال الأمن الوارف، تحت مظلة الإمام العادل الرشيد عبدالله بن عبدالعزيز، الذي لم يألُ جهداً في احتضان العائدين التائبين وتوفير سبل الأمان لهم، لاسيما وهم قد أتوه مقرين بجنوحهم الآثم. إنه هذا البلد الأمين الذي رعاكم منذ نعومة أظفارهم حتى أصبحتم حراباً مسمومة تطعنون خاصرته وتخربون الديار والأرواح! لا تزال أمامكم فسحة لتحيونَ حياة طيبة، إن أردتم، أفضل من حياة الذلة والجحيم التي قذفتم بأرواحكم إليها، هل تتخيلون أنّ بإمكان الجمل أن يلج في «سمِّ الخياط»، وقد حسم المآل والمصير ربكم القادر بتبينه أنّ طريق الجنة هو الولاء له وطاعة الوالدين وندب خلقه للبر بهما والعيش قولاً وفعلاً في ركاب الصادقين. لا تنسوا أن الله وهب محبته للتوابين، فهلاًّ عدتم إلى الملاذ الآمن، أنا على يقين وثقة أنّ وزير الداخلية سيساعدكم فعلاً للوصول إلى محطة العيش الرغد الآمن، بعد أن غادرتم بمحض جهلكم وأزّ الشياطين لكم، ولا مانع من استقبالكم تائبين آيبين إلى مولاكم الرؤوف عائدون. فهلا بادرتم قبل فوات الأوان؟! [email protected]