أعرب نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، عن أمل بلاده بإصغاء واشنطن إلى تحذيرات موسكو في شأن التصعيد في سورية. في موازاة ذلك، قالت فرنسا إنها ترى فرصة ل «كسر الجمود» في الحرب السورية في ضوء إعلان موسكو أنه «لا حل عسكرياً للأزمة»، وتخلي بعض معارضي الرئيس السوري بشار الأسد عن شروطهم المسبقة في شأن رحيله كشرط للعملية الانتقالية. وقال ريابكوف، في مؤتمر صحافي أمس: «صرحت مندوبة الولاياتالمتحدة الدائمة في مجلس الأمن الدولي نيكي هايلي... بأن التحذيرات الأميركية حققت هدفها ودمشق لم تشن هجوماً (كيماوياً)، لكنني أود الاعتقاد بأن التحذيرات الروسية هي التي حققت هدفها والولاياتالمتحدة امتنعت عن تنفيذ ضربة جديدة». وأشار الديبلوماسي الروسي إلى غياب أي أدلة تثبت المزاعم في شأن تخطيط دمشق لشن هجوم كيماوي، مضيفاً أن التصريحات الأميركية شديدة اللهجة بهذا الخصوص لا تزيد الاحترام للسياسة الأميركية تجاه سورية. وذكّر نائب رئيس الديبلوماسية الروسية بأن العلاقات بين موسكووواشنطن تمر ب «مرحلة صعبة...لكنها ليست في أزمة»، مشيراً إلى وجود فرص لتحسين هذه العلاقات، لا سيما من طريق التعاون بين الدولتين في الشرق الأوسط. وأضاف ريابكوف أن من المتوقع عقد لقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي ريكس تيلرسون، على هامش اجتماع مجموعة العشرين المقبل في مدينة هامبورغ الألمانية. وأكد نائب وزير الخارجية الروسي غياب الاتفاق بين موسكووواشنطن في الوقت الراهن في شأن استئناف الاتصالات بينه ونظيره الأميركي توماس شينون، مشدداً على أن هذه المشاورات لم تلغ نهائياً إنما تم تأجيلها إلى حين تهيئة الظروف الملائمة. وكان لافروف قد قال أول من أمس إن موسكو سترد «في شكل متناسب» إذا قامت الولاياتالمتحدة بعمل عسكري ضد دمشق. وأضاف: «سنرد بكرامة وفي شكل متناسب مع الوضع الفعلي الذي قد يحدث». وفي مؤتمر صحافي، قال لافروف إنه يأمل بألا تستخدم أميركا معلومات سرية عن تخطيط سورية لهجوم كيماوي «ذريعة لأعمال استفزازية» في سورية. وتابع: «أتوقع أن يكون لدى شركائنا في المنطقة... الأميركيين والأوروبيين... نهج منفتح وشامل يستهدف خفض التصعيد من خلال إعادة الوضع الإنساني إلى طبيعته». وفي باريس، قالت فرنسا أمس إنها ترى فرصة لكسر الجمود في الحرب السورية. وأتاح انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون فرصة لباريس لمراجعة سياستها في شأن سورية، إذ يعتبر البعض أن موقف الحكومة السابقة بضرورة تنحي الأسد كان عقبة أمام تفاهمات مع روسيا. وغير ماكرون موقف فرنسا من مستقبل الأسد الأسبوع الماضي قائلاً إنه لا يرى بديلاً شرعياً في الوقت الراهن وأن الأولوية هي الحيلولة من دون أن تصبح سورية دولة فاشلة. وتراجعت الولاياتالمتحدة هذا العام أيضاً عن إصرارها على رحيل الأسد كي تتيح الفرصة لحل سياسي عبر قناتي جنيف والآستانة. ويحاول وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان إيف لو دريان إجراء حوار أوثق مع موسكو، إذ تسعى باريس أيضاً إلى استغلال عدم وجود سياسة أميركية واضحة في شأن سورية لتمنح لنفسها دوراً أكبر. وقال لو دريان الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولوند في مقابلة منشورة: «لا أستطيع أن أذكر أي تفاصيل، لكني أعتقد أن هناك فرصة سانحة في الوقت الحاضر، وأعتقد أن الروس، شأنهم شأن الجميع، يدركون أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع». وأضاف: «يجب أن نكون قادرين على تحقيق الهدف بطرق جديدة تشمل وضع مبادئ متينة لا خلاف عليها، وعدم وضع شروط مسبقة بلاغية، ولكن من خلال خلق جسور جديدة بين مختلف الجهات الفاعلة». ولم يوضح لو دريان في مقابلته مع صحيفة (لوموند) ماهية تلك المبادئ أو ماهية الحوافز التي ستقدمها روسيا. وكانت فرنسا، التي لا تزال تدعم المعارضة السورية حتى الآن، طالبت بحل النزاع من خلال عملية انتقال سياسي ذات مصداقية تقوم على قرارات مجلس الأمن الدولي التي تم التفاوض حولها بين الأطراف المتحاربة بوساطة الأممالمتحدة في جنيف. وقال لو دريان، الذي عقد محادثات استغرقت ست ساعات وتركزت حول سورية مع المسؤولين الروس في موسكو الأسبوع الماضي، إن الأولوية بالنسبة لفرنسا هي إضعاف التهديد الذي يشكله «تنظيم داعش»، وذلك من دون الإشارة إلى قرارات مجلس الأمن أو إلى محادثات جنيف. ودعا الوزير إلى الحصول على دعم ديبلوماسي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والجهات الفاعلة الإقليمية. وقال ديبلوماسي فرنسي إن باريس تأمل بتشكيل مجموعة اتصال صغيرة يمكنها دفع جهود السلام قدماً. وأفاد مسؤولون فرنسيون بأن جزءاً من الأسباب التي دفعت باريس إلى السعي لإعادة الحوار مع روسيا حول سورية هو الفراغ الذي خلفته الولاياتالمتحدة التي يرون أنها لا تملك سياسة واضحة تتجاوز مسألة إلحاق الهزيمة ب «داعش». وقال ديبلوماسي أوروبي إن «الروس ليس لديهم أي شخص آخر، وليس لديهم أي محاور متماسك، ولا يوجد لدى الروس أي شيء آخر للتمسك به سوى الفرنسيين». إلى ذلك، قال التلفزيون الرسمي السوري إن الحكومة السورية وصفت تحذير واشنطنلدمشق من تنفيذ هجوم جديد بالأسلحة الكيماوية بأنه لا يستند إلى أي معطيات أو مبررات وهدفه تبرير «عدوان جديد» على البلاد. ونقل التلفزيون الرسمي عن مصدر في وزارة الخارجية قوله إن ادعاءات واشنطن عن وجود نوايا لدى سورية لشن هجوم ليست مضللة فحسب وإنما أيضاً «عارية من الصحة ولا تستند إلى أي معطيات أو مبررات». وحذر البيت الأبيض الأسد من أنه سيدفع هو وجيشه ثمناً باهظاً إذا نفذوا هجوماً بالأسلحة الكيماوية.