حضرت الثورة التونسية بقوة في القمة الإقتصادية العربية في شرم الشيخ. كان صداها يتردد في هذا الموقع السياحي الذي استضاف مسؤولين عرباً رددوا أحاديث عن بعض مسبباتها مثل الفقر وبطالة الشباب. وبحثوا في أهمية التكامل بين الإقتصادات كونها من «متطلبات الأمن القومي»، على ما قال الرئيس حسني مبارك. بدت القمة في شرم الشيخ كأنها رد فعل على التفاعل الإجتماعي الذي تحول إلى ثورة شعبية في تونس، على رغم أن القمة كانت مقررة قبل الحدث الذي هز العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، واضطر دولاً مثل الجزائر ومصر والأردن إلى اتخاذ إجراءات لخفض أسعار بعض السلع والتراجع عن رفع الدعم عن بعضها الآخر. وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أفضل من عبّر عن هذا الواقع حين قال مخاطباً المؤتمرين إن «ما يحدث في تونس من ثورة ليس أمراً بعيداً عن موضوع هذه القمة، أي التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما انه ليس بعيداً عما يدور في أذهان الجميع، من أن النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة والتراجع العام في المؤشرات الحقيقية للتنمية». لكن موسى والمؤتمرين الذين كانوا يتابعون ما يجري في شوارع تونس، ويفتقدون رئيسها، وهو أحد رموز النظام العربي، لم يرتقوا في معالجتهم الوضع الى مستوى الحدث. كان تجاوبهم معه مجرد رد فعل. يقدر خبراء عدد العرب العاطلين عن العمل بأكثر من 15 في المئة من الشباب في حاجة إلى 150 بليون دولار لتوفير فرص عمل لهم، في حين أعلن رئيس القمة السابق أمير الكويت صباح الأحمد إنشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، رأسماله بليونا دولار «سيدخل حيّز التنفيذ قريباً». إذا كان هذا القرار يعبّر عن شيء فإنما يعبّر عن بعد القمة عن الواقع في تونس أو في غيرها. وعن الهوة السحيقة بين شرم الشيخ وشوارع القاهرة أو الرباط أو دمشق. شوارع حبلى بالفقراء واليائسين والأميين العاطلين عن العمل وهم عرضة لكل الرياح الأيديولوجية والفكرية، خصوصاً إذا أضيف إلى هذا الوضع البائس انسداد الأفق أمام حلمهم بالتغيير الديموقراطي السلمي. قمتان عربيتان: الأولى في شوارع تونس، حيث التحول إلى الديموقراطية الشعبية، بعيداً عن عنف التكفيريين والهراطقة، والأخرى في شرم الشيخ أسقط في يدها فكانت قراراتها أقل من مستوى التحديات الإقتصادية والسياسية، وأبعد ما تكون عن الواقع.