لم تكتمل فرحة أسرة أبي خالد بالمركبة الجديدة التي اشتراها لها عائلها وكانت تحمل مواصفات عالية، حتى باغتتهم السيول داخل أحد الأنفاق بالعاصمة المقدسة مساء أول من أمس، بعد عودتهم من «نزهة» استمرت قرابة ثماني ساعات، لتقضي على فرحة الطفلة «جنى» التي تبلغ من العمر سبعة أعوام، وتتحول تعبيرات الفرح لديها إلى «نواحٍ» بسبب فقدان المركبة. واضطر أبو خالد (39 عاماً) إلى شراء مركبته بنظام الأقساط الشهرية لعدم قدرته على شرائها ب «الكاش»، إذ يتم استقطاع نحو نصف راتبه شهرياً لتسديد أقساط المركبة، فيما تزول آثار العبوس أو التذمر من على محيا (أبي خالد) إثر دفعه لأقساط المركبة نظير ما يلحظه من ألوان الفرح على وجوه زوجته وأبنائه الثلاثة بامتلاك المركبة. واستعد أبو خالد لصحبة عائلته في «نزهة» عصر أول من أمس، واستقلوا مركبتهم الجديدة ليتجولوا في شوارع العاصمة المقدسة، وبعد أن تناولوا وجبة العشاء قرروا العودة إلى المنزل عند الساعة 12 منتصف الليل وكانت ترتسم على محياهم أطياف السعادة، والوالد يصف لأبنائه وزوجته مميزات المركبة، بينما كانت الطفلة «جنى» تقفز يمنة ويسرة تعبيراً عن فرحتها وسط أجواء ربيعية ماطرة. ولم تعلم عائلة أبي خالد أنها على موعد مع احتجاز المركبة، ففي زحام الطريق المؤدي إلى منزلها مروراً بأحد الأنفاق اجتاحت المركبة موجة من السيول التي لم تجد لها مخرجاً ولا مأوى إلا أحضان عائلة أبي خالد ومركبته الجديدة، بينما ازداد منسوب المياه وبدأت تتسرب إلى داخل المركبة، إذ حاول أبو خالد جاهداً أن يجد مخرجاً له ولعائلته ولكن من دون جدوى حتى غمرتهم مياه السيل، فيما أقبلت مجموعة من الشبان المتطوعين على مركبة أبي خالد في محاولة لإنقاذ العائلة التي كادت أن تغرق، وتمكنوا من إخراج الأطفال ووضعهم على سقف المركبة لكي لا تصلهم المياه، كما تم إخراج أبي خالد وزوجته وجعلهما في مكان آمن. وفي تلك الأثناء كانت الطفلة «جنى» تبكي بكاء مريراً، وحاول الأب تهدئتها كما حاولت الأم أيضاً ولكن من دون جدوى، وما كان من الطفلة إلا أن تردد عبارة أسى وندامة على فراق المركبة الجديدة قائلة: «سيارتنا يا بابا غرقت، أنقذ سيارتنا يا بابا». ويوضح الشاب أحمد (أحد المنقذين لعائلة أبي خالد) ل «الحياة» أن الناس أصبحت تخشى هطول الأمطار أكثر من تمنيها ذلك، مضيفاً: «أصابنا الحزن من بكاء الطفلة «جنى»، فمن المسؤول عن حزنها وعائلتها بعد أن فقدوا مركبتهم الجديدة، ومن المسؤول عن تضرر مركبات ومنازل الكثيرين من المواطنين».