بين دعوة المجلس البلدي إلى تكثيف ورش العمل الخاصة بمناقشة الأحياء المتضررة من مياه الأمطار، وبين أعمدة الإنارة التي تطفأ عنوةً عند حلول المساء، تاه سكان حي «السامر»، أحد أكبر أحياء شرق محافظة جدةوهم يرون اليوم تلو الآخر يمضي عليهم من دون أن تحرك أي جهة أو قطاع ساكناً تجاه معاناتهم التي مضى عليها عام ونصف العام بلا حسيب. وبدا أن الحل الأخير أو «القشة» التي اختار سكان الحي التمسك بها قبل غرق حيهم بالكامل كانت مجلس بلدي المحافظة الذي هب سريعاً للنظر في مأساتهم التي باتت شاهداً حياً على سوء المراقبة ورداءة الصيانة وفداحة الخطب، التي حولت حياً بأكمله إلى مستنقع مليء بالمياه الراكدة، اكتظت ببؤر الأمراض والأوبئة التي يخشى على الصغير منها قبل الكبير. وجالت «الحياة» برفقة أعضاء المجلس البلدي وأهالي الحي المكلومين على واقع مرير حكاه أحد ساكنيه القدامى عبدالرحمن الأحمدي، الذي همس ل«الحياة» بأن مأساة أبناء حيه أكبر من أن تسطر في مقال أو خبر صحافي، مؤكداً أن كل محاولاته في إصلاح تسربات المياه التي باتت تنخر جسد حيه باءت بالفشل. وقال الأحمدي: «لم أعد أملك حلاً للمعاناة التي خسرنا بسببها أشياء عدة، بدءاً من مركباتنا التي غرقت، ومروراً بنسائنا وأطفالنا الذين بات مشهد سقوطهم المتكرر في البرك مشهداً مألوفاً لدى المارة والعابرين». وأضاف: «الأدهى والأمر من كل ذلك أننا بتنا مساء كل ليلة وقبل حلول الظلام، نذهب لاستجداء مسؤول الكهرباء لإطفاء أعمدة الإنارة داخل حينا، خوفاً من التماس الماء بالكهرباء وسقوط ضحايا وأبرياء من دون وجه حق، وبدلاً من أن نستقبل ظلام الليل بأنوار المساء، بتنا نخاف من النور، ونعيش في دهاليز الظلام». ونادى ساكن الحي محمد الزهراني على أحد أعضاء المجلس البلدي ليريه كيف بات حال مركبته التي أغرقتها المياه، وتعطلت عن العمل، وباب منزله الذي أصبح ينبوع ماء لايتوقف، مؤكداً أن أسرته وأطفاله سئموا البقاء في هذا الحي، وباتوا يلحون عليه في الرحيل، وهو لا يملك من حطام الدنيا شيئاً سوى هذا المنزل. وشدد الزهراني على أنه من «المؤلم أننا جلبنا عشرات صهاريج الشفط لسحب المياه ولكننا نفاجأ في كل مرة بأن منسوب المياه يزيد ويرتفع، أطلقنا نداءات عدة من دون جدوى، ولم نجد حلاً سوى استخدام الطمر الذي لم ينجح أيضاً، فينابيع المياه أصبحت الصورة التي لا تنتهي ولا تمحى من ذاكرة هذا الحي». وتساءل: «إلى متى يستمر الوضع في مخطط حي السامر السكني من دون إيجاد حلول جذرية؟ إذ إن الحي يغرق دائماً مع هطول الأمطار»، مستغرباً من بقاء تجمع المياه على رغم إعلان عدد من المشاريع السابقة التي صرفت عليها مئات الملايين من دون نتائج حقيقية. وعلق عضو المجلس البلدي بسام أخضر على شكاوى سكان الحي مؤكداً أن المجلس سيناقش كل المشكلات التي تعانيها أحياء شرق وشمال جدة، لافتاً إلى أن المجلس سيشهد خلال اليومين المقبلين جولات شاملة لإجراء مسح شامل لكل الأحياء التي لا تزال تتضرر من المياه الراكدة التي خلفتها الأمطار، وسيتم زيارة السد الاحترازي للوقوف على حجم العمل الموجود هناك، مشيراً إلى وجود تنسيق مع أمانة المحافظة على رفع جميع الملاحظات التي سيتم تسجيلها ميدانياً للتحرك سريعاً ومعالجة الأمر، والعمل على إزالة أي أثار سلبية أوجدتها الأمطار. وأشار إلى أن المجلس البلدي عقد ورشة عمل دعا من خلالها إلى استمرار عقد اجتماع أسبوعي للجنة درء مخاطر السيول والأمطار المشكلة من المجلس البلدي وعدة جهات، بهدف استعراض آخر التقارير عن الأوضاع في مختلف الأحياء، ومواجهة أي مشكلة تظهر من جذورها والتعامل معها من المهد، إضافة إلى أهمية سماع مختلف وجهات النظر لتفعيل مشاريع تصريف المياه والأمطار التي تجري حالياً. أما نائب رئيس المجلس البلدي المهندس حسن الزهراني فأكد من جانبه، أهمية الاستفادة مما حدث في الأيام الماضية. وقال: «كان المجلس البلدي في حال استنفار متواصل، ونفذ جولات ميدانية عدة على المناطق التي تضررت من الأمطار». وشدد الزهراني على أهمية استمرار ورش العمل التي بدأها المجلس منذ شهرين بمشاركة مختلف الجهات، بهدف استشعار الخطر والإحساس بالمسؤولية، مطالباً في الوقت ذاته بدرس الأوضاع على طاولة واحدة من أجل وضع حلول باكرة لأي مشكلة يمكن أن تظهر. وأشار الزهراني إلى أن المجلس عقد جلستين طارئتين واطلع على خطط الأمانة لمواجهة الأزمة، ورفع عدد من التوصيات وسجل ملاحظاته، ونقل لمسؤولي الأمانة مرئياته على الوضع في غالبية أحياء جدة ميدانياً.