أظهرت نتائج أولية لاستفتاء جنوب السودان أن غالبية كبيرة تجاوزت 96 في المئة من الناخبين في الجنوب أيّدت انفصاله عن الشمال، ما يعني أن الانفصال بات حتمياً. وجاء ذلك في وقت توعدت الحكومة السودانية معارضيها بضربات مؤلمة في حال لم تتخل عن قرارها إطاحة نظام الرئيس عمر البشير، واتهمت زعيم حزب «المؤتمر الشعبي» حسن الترابي (المعتقل) بالتورط في «مخطط تخريبي وتنفيذ اغتيالات وإخلال بالأمن، لإحداث فتنة وإطلاق شرارة» لتنفيذ خطة المعارضة المعلنة لإسقاط السلطة. وقال مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع إن الأجهزة الأمنية اعتقلت الترابي لتورطه في «مخطط تخريبي» و «تنفيذ اغتيالات وإخلال بالأمن، لإحداث فتنة وإطلاق شرارة لتنفيذ خطة المعارضة المعلنة» لإسقاط الحكومة، موضحاً أن المعارضة تسعى إلى تحريك الشارع ولو بمشاركة بسيطة تحدث وسطها اغتيالات يمكن أن تتم بتدبير منها، وفقاً لما وصفه بأنه «معلومات» متوافرة لدى الأجهزة المعنية. وقال إن المعارضة تستهدف «بعض البسطاء والمغرر بهم ليكونوا وقوداً» لقضايا المعارضة وطموحاتها بخلق الفتنة. وأضاف نافع: «ليس من باب المسؤولية أن يترك هذا المخطط الآثم - وهذه الفتنة - ليتم على عين وبصر الناس»، واتهم المعارضة بأنها عجزت عن تحريك الشعب وأنها تسعى إلى استغلال الظروف الاقتصادية الحالية لتمرير مخططها كي يبدو وكأنه تحرك تلقائي للشعب. وعن إمكان تقديم الترابي إلى القضاء لمحاكمته، قال نافع: «هذا أمر تقدّره الجهات المعنية». وفي الإطار نفسه، حمل مساعد الرئيس السوداني في شدة على المعارضة، وقال أمام أنصاره في ولاية الجزيرة في وسط البلاد إن حكومته قادرة على حماية البلاد و «لن تدير خدها الأيمن إذا ما صُفعت بالأيسر ... والبادئ أظلم»، مطالباً قادة القوى المعارضة الذين «يتوهمون» الإطاحة بحكم البشير بالاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، مؤكداً أن حزبه سيُكمل دورته الحالية في الحكم بنص الدستور أي حتى العام 2014 و «سيفوز في دورة مقبلة». وكانت السلطات السودانية اعتقلت الترابي وعشرة آخرين من قيادات حزبه. وطالب تحالف المعارضة بإطلاقهم، مهدداً بتحريك الشارع لإطاحة الحكومة. استفتاء الجنوب إلى ذلك، تواصل إعلان النتائج الأولية لفرز أصوات الناخبين في الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان في الولاياتالجنوبية والشمالية. وأظهرت هذه النتائج اكتساح أصوات الانفصاليين في شكل لافت، ما يشي بحتمية الانفصال وولادة دولة مستقلة في الجنوب. وتجاوزت نسبة المصوتين للإنفصال في الجنوب نسبة 96 في المئة ونحو 60 في الشمال ونحو 98 في المئة في دول المهجر الثماني التي جرى فيها استفتاء. وأوردت وكالة «فرانس برس» أن الأرقام التي تمكنت من جمعها من رئيس لجنة الاستفتاء للولايات والمقاطعات تفيد انه تم حتى الآن احتساب 2198422 صوتاً مؤيداً للانفصال، أي ما يتجاوز كثيراً العدد اللازم لتحقيق الغالبية البسيطة وهو 1.89 مليون صوت، بعدما بلغ عدد من أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء 3932588 ناخباً أي ما نسبته 96 في المئة من إجمالي الناخبين المسجّلين. أما وكالة «رويترز» فنقلت أيضاً عن مسؤولين عن تنظيم الاستفتاء إن الاتجاه يشير إلى تأييد أكثر من 90 في المئة من الناخبين في سبع ولايات جنوبية للانفصال. ونصح نائب رئيس البرلمان القيادي في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب أتيم قرنق، الجنوبيين باحترام نتائج استفتاء تقرير مصير الإقليم، داعياً إلى أن تراعي الاحتفالات مشاعر المؤيدين للوحدة وعدم إثارة غضبهم بتصرفات غير مسؤولة. وشدد قرنق على ضرورة التعامل مع النتائج بصورة وطنية غير مخلة، داعياً إلى أن تكتسب الاحتفالات شكل فرح كبير خال من أي «تصرفات حمقاء» قد تُغضب الرافضين لنتيجة انفصال الشمال والجنوب. وأضاف أن مؤيدي الوحدة ينطلقون من مبررات يجب أن تجد الاحترام والتقدير من قبل الجنوبيين، وأن يعملوا جاهدين على إحداث نوع من التوازن عند إعلان نتيجة الاستفتاء لاستمرار العلاقات الاجتماعية بين المؤيدين للخيارين (الوحدة والانفصال). ونفى قرنق حديث زميله في البرلمان عن الحزب الحاكم هجو قسم السيد عن فقدان الدستوريين الجنوبيين وظائفهم في مجلس الوزراء والبرلمان حال إعلان نتيجة الاستفتاء. ورأى أن إقدام الخرطوم على هذه الخطوة سيقابله فقدان حصة الشمال من نصيب نفط الجنوب. وبدأت في الجنوب ترتيبات لضمان عدم وقوع أي نوع من العنف قد يحوّل الحدث الكبير إلى ساحة حرب. وأمر وزير الإعلام الجنوبي برنابا بنيامين بعدم انطلاق أي نوع من الاحتفالات قبل إعلان نتيجة استفتاء تقرير مصير الجنوب والمقررة بحسب مفوضية الاستفتاء في الثاني من شباط (فبراير) المقبل. وفي سياق متصل، أعلن رئيس لجنة حكماء أفريقيا رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي أن المحادثات حول المسائل العالقة بين شريكي الحكم في السودان، حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية»، ستستأنف نهاية كانون الثاني (يناير) الجاري وتشمل قضايا المياه والجنسية والعملة وترسيم الحدود والموارد.