واجه رئيس الوزراء التونسي ضغوطاً من حلفائه في الحكومة لإقالة وزير المجتمع المدني مهدي بن غربية وذلك للاشتباه في تورطه في قضايا فساد، في وقت تواصل الحكومة حملتها ضد رجال أعمال وموظفين وإعلاميين في إطار الحرب على الفساد التي أُطلقت الشهر الماضي. وشدد حزب «آفاق تونس» الليبرالي، أحد مكونات التحالف الحكومي في تونس، على أن وزير الهيئات الدستورية والعلاقات مع المجتمع المدني مهدي بن غربية تحوم حوله شبهات فساد «تستوجب إقالته من منصبه حتى تكون لحملة الحكومة ضد الفساد مصداقية». وقال القيادي في حزب «آفاق تونس» مهدي الرباعي، إن «الوزير مهدي بن غربية ملاحق قضائياً منذ العام 2013 من طرف شركة الخطوط الجوية التونسية في قضايا تتعلق بفساد مالي وعقد صفقات من خلال المحاباة وتضارب المصالح واستغلال نفوذ وهناك وثائق تثبت ذلك». وعلى رغم أن حزب «آفاق تونس» ممثل في الحكومة بوزيرين ووزير دولة وسبق أن عبّر عن دعمه جهود الحكومة في مكافحة الفساد، إلا أنه طالب في مناسبات عدة بإقالة الوزير بن غربية لشبهات الفساد التي تلاحقه. ويُعتبر بن غربية من الوزراء المقربين من رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وصرح الرباعي ل «الحياة» بأن التحقيق القضائي ضد وزير المجتمع المدني يتعلق بالضرر الذي ألحقته معاملاته غير القانونية قبل توليه الوزارة العام الماضي «حيث تحظى شركته بأولوية مطلقة لدى الناقلة الوطنية من خلال استغلال النفوذ أساساً». من جهة أخرى، أكد مهدي بن غربية في بيان نشره أمس، أنه يتعرض ل «حملة تشويه ممنهجة يقودها بعض الأطراف التي تصر على تزييف الحقائق، مغالِطة الرأي العام وهدفها الأساسي هو إرباك الحرب الواثقة التي تقودها حكومة الوحدة الوطنية على الفساد». ونفى الوزير التونسي صحة الأخبار التي تحدثت عن ملاحقته قضائياً في علاقة بقضايا أو شبهات فساد، مضيفاً أن «كل الوثائق التي يتم الترويج لها تعود إلى حملات مشبوهة سابقة»، معبراً عن أسفه من صدور هذه التصريحات من حزب مشارك في الائتلاف الحاكم. وكانت السلطات التونسية أطلقت حملة اعتقالات شملت رجال أعمال بارزين ومهربين وموظفين في أجهزة الجمارك للاشتباه في علاقتهم بالفساد والتآمر على أمن الدولة، وتم وضع المعتقلين تحت الإقامة الجبرية بمقتضى قانون الطوارئ الساري في البلاد منذ نهاية العام 2015. وقامت الحكومة ب «تأميم» أملاك وأرصدة كل من شفيق الجراية (أحد ممولي حزب نداء تونس الحاكم) وياسين المنوفي منجي بن رباح وكمال بن غلام فرج ونجيب بن إسماعيل وعلي القريوي وهلال بن مسعود بشر ومنذر الجنيح، ويمارس هؤلاء أنشطة اقتصادية مشبوهة وتهريب وكسب غير مشروع وفق ما أعلنت لجنة المصادرة. ويواجه رئيس الوزراء يوسف الشاهد ضغوطاً من داخل التحالف الحكومي وخارجه في علاقة بحملة الحكومة ضد الفساد، فإضافة إلى شبهات الفساد التي تحوم حول وزيرين من حكومته هناك ضغوط من داخل حزبه (نداء تونس) بخصوص الحرب ضد الفساد التي شملت شفيق جراية أحد أبرز ممولي الحزب. وكان الشاهد تعهد منذ تسلمه مهماته على رأس الحكومة في أيلول (سبتمبر) الماضي، بإعلان الحرب على الفساد ورفع نسق النمو الاقتصادي والتحكم في التوازنات المالية، إضافة إلى تكريس النظافة وحماية البيئة، في ظل تقارير محلية ودولية تشير إلى أن الفساد يهدد بجدية مسار الانتقال الديموقراطي في البلاد. ووفق آخر مؤشر لمستوى الفساد في العالم أصدرته منظمة الشفافية الدولية مطلع العام الجاري، فإن تونس تحتل المرتبة السابعة عربياً وال75 عالمياً ب41 نقطة. وينتشر الفساد في قطاعات الأمن والجمارك والقضاء وفق تقارير دولية ومحلية.