اعتقلت القوات الامنية السودانية ليلة الاثنين الثلاثاء الزعيم الاسلامي المعارض حسن الترابي بعدما كانت اوساط مقربة من السلطات السودانية اتهمته مع حزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه بتقديم الدعم لحركة العدل والمساواة المتمردة في اقليم دارفور غرب البلاد. وقال عوض بابكر مساعد الترابي البالغ من العمر 78 عاما "طوقت قوات الامن المنطقة حول منزل الترابي وقامت باعتقاله". من جهته اعلن صديق الترابي ابن الزعيم الاسلامي لفرانس برس "نعم لقد اعتقلوه. عندما يعتقل الناس لا يشرحون لهم سبب اعتقالهم. قد يكون ربما بسبب المؤتمر الصحافي الذي عقدته احزاب المعارضة الاحد". وتابع "لقد اعتقل ايضا اعضاء آخرون في حزب المؤتمر الشعبي، انها موجة اعتقالات". ونقل موقع المركز السوداني للخدمات الصحافية المقرب من اجهزة الاستخبارات السودانية صباح الثلاثاء ان "الاجهزة الامنية المختصة حصلت على وثائق ومعلومات تؤكد علاقة حزب المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة (في دارفور) وذلك بعد الافادات التي ادلى بها قادة الحركة الذين تم أسرهم بغرب دارفور مؤخرا". واضاف المصدر نفسه حسب ما نقل عنه هذا الموقع "ان الافادات والوثائق اكدت دور المؤتمر الشعبي في توجيه وتمويل أنشطة حركة العدل والمساواة بالاشراف المباشر على عملياتها العسكرية بدارفور لاثارة التوتر دون أدنى مراعاة لمعاناة أهل دارفور". ولم يشر الموقع الى اعتقال الترابي. الا ان المتحدث باسم الحركة احمد حسين آدم سارع الى نفي هذه المعلومات. وقال في تصريح لوكالة فرانس برس "ان الحركة لا علاقة لها على الاطلاق بالترابي ولا بحزبه. كل هذا الكلام محض اختلاق وحملة دعائية من النظام" في الخرطوم. واتهم المتحدث السلطات السودانية انها وباعتقالها الترابي انما تريد "حرف الانظار عن انسحاب وفدها من محادثات الدوحة ونسف عملية السلام عبر السعي الى تطبيق الحل الامني" في اقليم دارفور. واتهم المتحدث السلطات السودانية بانها "تعذب اسرانا وعليهم وقف هذه الاعمال". وسحبت الخرطوم وفدها المشارك في محادثات الدوحة لحل النزاع في دارفور في كانون الاول/ديسمبر الماضي، من دون ان تعلن مقاطعتها النهائية لهذه المحادثات. وكان متمردو حركة العدل والمساواة شنوا في ايار/مايو 2008 هجوما عسكريا واسعا على ام درمان في ضواحي الخرطوم من الاراضي التشادية الا ان قوات الامن السودانية تمكنت من صدها. وكانت هذه الحركة في تلك الفترة تعتمد خصوصا على دعم تشاد المجاورة الامر الذي توقف منذ التقارب الاخير بين الخرطوم ونجامينا اللذين يتبادلان دعم قوات تمرد تابعة للبلد الاخر. يذكر ان الاحزاب السودانية المعارضة ومن بينها حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي المنضوية في اطار ما يعرف ب"قوى الاجماع الوطني"، اعتبرت الاحد "ان الازمة الحالية في السودان لن تحل الا بسقوط النظام وانهاء الشمولية وانتهاء حكم الحزب الواحد". واضاف بيان المعارضة ان اجتماعا سيعقد "خلال الايام القادمة لرؤساء الاحزاب المعارضة لتحديد كيفية الاطاحة بالنظام" السوداني برئاسة الرئيس عمر حسن البشير. وقبل ساعات من اعتقاله اعتبر الترابي في مقابلة مع فرانس برس الاثنين ان قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس امر "مرجح"، ورأى ان هذه الانتفاضة الشعبية يمكن ايضا ان تجنب وقوع "حمام دم" في السودان الذي يتجه جنوبه نحو الانفصال. وقال الترابي "لقد عرفت هذه البلاد انتفاضات شعبية في السابق، ومن المرجح ان يحصل الشيء نفسه في السودان" مضيفا "وفي حال لم تحصل انتفاضة قد يقع حمام دم لان الجميع مسلحون في السودان". ويعتبر الترابي مهندس الانقلاب العسكري الذي قام به الرئيس الحالي عمر حسن البشير عام 1989. الا ان الرجلين اختلفا منذ نحو عشر سنوات ما دفع الترابي الى انشاء حزب جديد اطلق عليه اسم "المؤتمر الشعبي". ويأتي اعتقال الترابي متزامنا مع اقتراب الجنوب السوداني من الانفصال النهائي وقيام السلطات السودانية بسبب مشاكلها المالية بوقف الدعم الذي كانت تقدمه لبعض المواد الغذائية الاساسية ما ادى الى ارتفاع كبير في اسعارها، والى نقمة شعبية على الغلاء المستفحل. من جهته اعتبر القيادي في حزب الامة مبارك الفضل في تصريح لوكالة فرانس برس قبل يومين ان "الاجواء ملائمة لقيام انتفاضة شعبية" معتبرا ان الشرارة قد تندلع من الشارع من دون ان تكون المعارضة تقف وراءها. وعن الاستفتاء في الجنوب وترجيح كفة الانفصال قال الترابي في مقابلته مع فرانس برس "ان السكان في حالة صدمة وقلقون جدا من تفتت البلاد، في اشارة الى احتمال انفصال منطقة دارفور ايضا التي تشهد حروبا منذ سنوات عدة اوقعت مئات الاف القتلى. وتابع الترابي "ان السودان ليس بلدا صغيرا مثل الصومال وهو معرض للوقوع في فوضى اسوأ مما هو حاصل اليوم" في ذاك البلد. واضاف الترابي ان سكان السودان "لا ينزلون في تظاهرات بل يقاتلون" مضيفا "انا واثق من انه في حال حصلت انتفاضة شعبية فان منطقة دارفور ستشارك فيها". ودخل الترابي السجن مرارا خلال السنوات العشر الماضية بسبب هجماته اللاذعة على الحكم.