أضاء «البرق» أوساين بولت للمرة الأخيرة في سماء كينغستون وودع جماهيره بفوز في سباقه المفضل 100 متر على الملعب الوطني في العاصمة مع لفة شرفية مليئة بالمشاعر والاستعراض، كما درجت العادة في كثير من الأحيان بالنسبة لظاهرة سباقات السرعة. لقاء كينغستون هو أحد 4 مشاركات لأسرع رجل في التاريخ، يودع من بعدها المضمار في سن ال30. وفي الطريق إلى لندن (بطولة العالم لألعاب القوى من 4 إلى 13 آب أغسطس)، إذ يأمل بأن يكرر إحزار الذهبيات الثلاث (100 متر، 200 متر، والتتابع 4 مرات 100 متر)، سيشارك بولت في لقاء أوسترافا التشيخي في 28 حزيران (يونيو) الجاري، وموناكو في 22 تموز (يوليو) المقبل. واحتشد 30 ألف متفرج بالملعب الوطني في كينغستون، بعضهم جاء قبل فترة بعد الظهر لحضور هذا الحدث التاريخي، في حين أن السباق الأخير لبولت في مسافة 100 متر في العاصمة استغرق أكثر من عشر ثوان (10.03). واعترف بولت الذي سيعتزل في نهاية الموسم الحالي قائلاً: «لا أعتقد أنني كنت متوتراً جداً في كل السباقات بمسيرتي مثلما كان الحال اليوم. الأجواء في الملعب جعلتني متوتراً». وأضاف بولت المتوج ب11 لقباً عالمياً: «عندما بدأت مسيرتي في ألعاب القوى، كان هدفي الوحيد أن أصبح بطلاً أولمبيا في سباق 200، لم أعتقد أبداً أنني قد أصبح أسطورة في رياضتي». وحقق بولت زمناً بعيداً عن رقمه القياسي العالمي (9.59 ث)، كما أن الزمن الذي حققه لم يكن الأفضل في هذه الأمسية بما أن مواطنه يوان بلايك حقق 9.97 ث في سباق آخر تمت برمجته قبل السباق الذي فاز به البرق، الذي أطلق عليه اسم «وداع بولت»، وذلك في سعي المنظمين على عدم إفساد «الحفلة». لكن لا بلايك، ولا الجنوب أفريقي وايد فان نييكيرك صاحب أفضل توقيت هذا العام في سباق 200 متر (19.84 ث)، ولا الأسماء الكبيرة مثل (البريطاني) مو فرح، (الكيني) ديفيد روديشا و(الأميركية) أليسون فيليكس، نجحوا في تحويل انتباه جماهير الملعب الوطني عن بطلهم بولت. وقبل أكثر من ساعة على انطلاق سباقه، أطلقت الجماهير صيحات الاحتفال والعنان لأبواق الفوفوزيلا عندما بدأت سيارة رباعية الدفع، سوداء اللون، ببطء لفة حول الملعب. وبابتساماته المعهودة، قام بولت الذي كان يرتدي ملابس سوداء، تحية الجماهير، قبل أن يتم استقباله كرئيس دولة بالفرقة العسكرية والسجادة الحمراء، من رئيس وزراء جامايكا أندرو هولنيس ورئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى البريطاني سيباستيان كو. وشدد كو قائلاً: «مساهمته في رياضتنا كانت ضخمة». وبعد انتهاء سباقه، قام بولت، البطل الأولمبي 8 مرات وحامل الرقمين القياسيين العالميين لسباقي 100 متر و200 متر، بشكر الجمهور على دعمه منذ ظهوره على الساحة الدولية في عام 2002 وتتويجه بلقب بطل العالم للشباب على مضمار الملعب الوطني في كينغستون. ولإمتاع الجماهير والمصورين، قام بولت بحركته الشهيرة خلال احتفاله بكل انتصار عن طريق ايمائه البرق بيديه. وبعد ذلك، قام بولت بتقبيل خط النهاية قبل الذهاب للاستعداد للموعد الكبير الأخير في مسيرته، وهو بطولة العالم في لندن، إذ يأمل بتكرار ثلاثيته التي سجلها في أولمبياد ريو دي جانيرو الصيف الماضي (100 متر و200 متر والتتابع 4 مرات 100 متر). وقبل العرس العالمي، سيشارك بولت في لقاءين أوروبيين هما: أوسترافا التشيخي في 28 حزيران (يونيو) الحالي، وموناكو في 22 تموز (يوليو) المقبل. وعلق بولت على سباق السبت قائلاً: «لم تكن انطلاقتي جيدة وردت فعلي لم تكن جيدة جداً، ولكن أول سباق 100 متر لي هذا الموسم، ولم أكن أتوقع شيئاً استثنائياً». ولم تتوقف الجماهير عند تفاصيل عيوبه الفنية، وأعربت عن سعادتها بعرض بولت. «الأسطورة قال وداعاً بطريقته»، هذا ما قاله بفرحة كبيرة شارون بايلي الذي يعمل في مطعم بكينغستون، الذي دفع مع صديقه «أسطورة شون دينيس 1000 دولار جامايكي (7.50 يورو) لحضور السباق الأخير في جامايكا بولت». وقال شون مبتسماً: «هناك بولت واحد فقط، لن يكون هناك الكثير منه». في المقابل، أخفى كارلوس مورغان، بائع الخضار الذي ينحدر من منطقة مسقط رأس بولت التي تبعد نحو ساعتين بالسيارة عن الملعب الوطني، حزنه بصعوبة، وقال «أتمنى بأن يستمر في الركض ل40 سنة أخرى، سنفتقده كثيراً». واعتبر أن بولت «نعمة ليس فقط لجامايكا، ولكن أيضاً لألعاب القوى، وحتى العالم».