تسجيل الأطفال السوريين الذين يولدون من أبوين نازحين إلى لبنان يشكّل معضلة على مستوى تزايد أعداد المهددين منهم بانعدام الجنسية مع استمرار الأزمة وتفاقمها، في حال لم يقم الأهل بالإجراءات اللازمة في مدة لا تتعدى السنة. ويقدر عدد الولادات الحاصلة في لبنان للنازحين السوريين والمسجلة لدى مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين منذ 2011 لغاية 2017 ب 115 ألفاً، ليس بالضرورة أن يكونوا مسجلين كلّهم لدى السلطات اللبنانية، فيما يؤكد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي ل «الحياة»، أن حوالى 100 ألف طفل سوري ليسوا مسجلين لدى السلطات اللبنانية. ويواجه هؤلاء الأطفال الذين لا يحوزون وثيقة ولادة، خطر التعرض لانعدام الجنسية، إذ إنه سيكون من الصعب عليهم إثبات مكان ولادتهم وهوية أهلهم وتالياً تابعيتهم السورية في ما بعد، ما لم يعتمدوا مراحل ثلاث على الأقل من الإجراءات الستة، بحسب ما تؤكد الناطقة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين دانا سليمان ل «الحياة»، وهي: الحصول على إشعار الولادة اللبناني من طبيب أو قابلة معتمدة، الحصول على شهادة الميلاد من مختار في المنطقة التي حصلت فيها الولادة، تسجيل شهادة الميلاد في منطقة النفوس (القضاء). وتعزو سليمان «سبب عدم تسجيل ولاداتهم لدى السلطات لعدم إكمالهم تلك الإجراءات، إما لأنهم لا يدركون أهمية الموضوع أو لأنهم يعتقدون أن هذا الموضوع معقّد، إما لأنه معقّد فعلاً، لعدم التنسيق بشكل موحّد في المناطق، فربما تختلف المتطلبات من منطقة إلى أخرى حيث يطلب بعض المخاتير أوراقاً إضافية». وتشير إلى أن «بعضهم يعتقد أنه لا يمكنه التسجيل لأنه لا يحوز وثيقة زواج أو أوراقاً ثبوتية بسبب اضطراره إلى النزوح من دونها بفعل الحرب». لكنها تلفت إلى أن «المفوضية تحاول إبلاغهم أن هذا العائق الأخير تتم معالجته وعملت مع الدولة على تسهيل في هذا الأمر». ويتبقّى على النازحين لاحقاً إكمال الإجراءات الثلاثة المتبقية: تسجيل شهادة الميلاد في السجل الخارجي لدائرة الأحوال الشخصية (مستوى المحافظة)، ختم شهادة الميلاد في وزارة الخارجية، ختم شهادة الميلاد في السفارة السورية في لبنان. وتؤكد سليمان أن «المفوضية تستمر في تسجيل حالات الولادات للنازحين المسجلين قبل عام 2015 وأن لا أرقام حول أعداد النازحين غير المسجلين لأنه لا توجد آلية لإحصائهم». وتقوم المفوضية بتغطية 75 في المئة من تكاليف الولادة في المستشفيات وتؤمن الرعاية الصحية إلى ما دون الخمس سنوات للفئات المستضعفة». وتعتزم وزارة الداخلية اللبنانية بالتنسيق مع وزارة الدولة لشؤون النازحين والوزارات المعنية، بحسب قول المرعبي، إجراء دراسة تتناول هذا الموضوع وتشمل تحديد أسباب تواجد من ليست لديه إقامة وليس مسجلاً في المفوضية السامية للاجئين، على الأراضي اللبنانية، إن كانت للدراسة أو للطبابة أو سياسية أو أمنية أو بسبب نزوح غير شرعي. ولعل تلك الإجراءات من شأنها مساعدتهم على التحضير من أجل عودتهم إلى بلادهم أو إلى أي بلد آخر يختارونه على أن يتم تنظيم تواجدهم في لبنان في انتظار ذلك. لكن هؤلاء يشترطون ضمانة «إبقاءهم على قيد الحياة» من أجل العودة. وتقول أوساط رسمية وكذلك مفوضية شؤون اللاجئين إنه من الصعوبة بمكان معرفة عدد السوريين العائدين إلى بلادهم على رغم الإعلان عن مناطق تخفيف التصعيد وفق اتفاق آستانا في شهر نيسان (أبريل) الماضي وتراجع حدة المعارك في دمشق ومحيطها، لكن لا معلومات عن أن السوريين يعودون، لأسباب متعددة، منها بحسب ما تؤكد مصادر متابعة للملف ل «الحياة» أنهم «خائفون من افتقاد صفة النزوح في حال أرادوا العودة مجدداً وأن معظم المناطق مدمرة فماذا عساهم يعملون هناك؟». وتمثل حيازة الأهل إقامة شرعية في لبنان تحدياً بالنسبة إلى النازحين الذين دخلوا لبنان عبر المعابر غير الرسمية، لا سيما أن لبنان منع نزوح أعداد إضافية عام 2015 إلا للحالات الإنسانية الاستثنائية الطارئة جداً. وهؤلاء ليست لديهم إقامة اليوم. أما بالنسبة إلى النازحين قبل 2015، فإذا أرادوا تغيير كفيلهم فهم مضطرون للعودة إلى سورية من أجل ذلك، وتعزو المصادر سبب إبطال هؤلاء تجديد إقامتهم إلى أنهم يخافون خطر التوقيف على الحدود السورية، وبخاصة الشباب منهم الذين يقول بعضهم: «نخاف إذا عدنا من تجنيدنا للقتال في صفوف النظام السوري وحزب الله أو لمصلحة المعارضة». وتقول المصادر إن «ثلاثة أرباع إقامات السوريين منتهية الصلاحية». وتشير إلى أن «حركة عبور السوريين عادية بهدف زيارة أقرباء لهم». وتطاول مساعدات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الفئات المستضعفة بين مليون و11 ألف نازح سوري مسجّلين لديها وهم منتشرون في الجنوب والبقاع والشمال وبيروت، ويستفيد نحو 22 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع، من مبلغ نقدي شهري ضمن البرنامج الغذائي العالمي. ووفق آخر الدراسات الموضوعة على هذا الصعيد، فان حوالى 70 في المئة من النازحين المقيمين في لبنان يعيشون حالياً تحت خط الفقر الذي لا يزيد عن ال4 دولارات في اليوم، وذلك بحسب تقويم برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف). وتقول سليمان: «نقدم إلى الأكثر حاجة من بين هؤلاء ال70 في المئة الرعاية الصحية الطارئة (من ضمنها الولادة) بنسبة 75 إلى 100 في المئة». النازحون إلى الجنوب ويستفيد نازحو الجنوب من مساعدات التعليم، مثل كل النازحين في مختلف المناطق بحسب القدرة الاستيعابية للمدارس الرسمية في الصفوف المعتمدة قبل أو بعد الظهر. وتؤكد سليمان أن «من يستفيد من مساعداتنا يحق له العمل في ثلاثة قطاعات: العمار، الزراعة وقطاع البيئة، ويحق للمواطن السوري العادي العمل في لبنان في الوظائف الأخرى كطبيب أو غير ذلك، شرط حيازته ترخيصاً من الدولة اللبنانية». وتشدد على أن لا إحصاء دقيقاً حول النازحين العاملين أو غير العاملين في المناطق اللبنانية كافة، لأن غالبيتهم لا يلتزمون بعمل مستدام، وأن لا إحصاء رسمياً عن عددهم في الجنوب. وكان آخر إحصاء قد أفاد عام 2014 بأن عددهم في الجنوب 119023 لاجئاً مسجلاً و3033 لاجئاً غير مسجلين.