تعلن وزارة الثقافة المصرية بعد عشرة أيام (18 من الشهر الجاري)، أسماء الفائزين بجوائز الدولة، ليتجدد جدل خاص بآلية منحها، والشبهات حول أحقية حصول بعضهم عليها. في عام 2014 مثلاً اعتذر الشاعر حسن شهاب الدين عن عدم قبول جائزة الدولة التشجيعية في فرع الآداب عن ديوان له بعد نشر تقارير صحافية أكدت أن العمل نفسه سبق أن فاز بجائزة، وأن الشاعر الراحل فاروق شوشة كان عضو لجنة التحكيم في المرتين، ونشَر دراسة عنه في مجلة «العربي» الكويتية عام 2013. وفي دورة 2015 اعترض كثيرون على فوز عضو لجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة منير عتيبة بجائزة الدولة التشجيعية في القصة. أقرّ المجلس الأعلى للثقافة، مانح جوائز الدولة في الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، في اجتماعه الثامن والخمسين المنعقد يوم 5 حزيران (يونيو) 2016 تعديلات في لائحة الترشح لجوائز الدولة التقديرية جاء في مادتها الثانية أنه يستبدل بنص المادة (13) من اللائحة الداخلية للمجلس؛ النص الآتي: «ولا يجوز لأحد أعضاء اللجان المتخصصة لفحص الترشيحات، أن يكون من المرشحين لأي من جوائز الدولة، ولا يجوز أن يكون في لجنة فحص أكثر من جائزة». اعتذر إبراهيم الدسوقي فهمي عن عدم الترشح لجائزة الدولة التشجيعية في الفنون دورة 2014 بعد اختياره عضواً في لجنة تحكيم الجائزة نفسها. والسؤال هنا: لماذا استشعر فهمي الحرج في حين تعامل آخرون مع المسألة كأنها حق مشروع لهم؟ ولماذا تهتم لوائح المجلس بجوائز التقديرية والنيل والتفوق ولا تعير انتباهاً لجوائز الدولة التشجيعية علماً بأنها الأهم في مسيرة أي مبدع؟ أثناء الاجتماع السري لأعضاء المجلس الأعلى للثقافة عام 2015 بغية التصويت على جوائز الدولة وإقرار الجوائز التشجيعية وكانت «الحياة» حصلت على تفاصيله، أشار نور فرحات إلى أن لجان الفحص لم تقم بمهامها كما حددتها اللائحة التي أجازت في حال عدم وجود أعمال معروضة تستحق الجائزة ترشيح أعمال لم يتقدم أصحابها بها. وأوضح أن ذلك تسبب في حجب معظم الجوائز؛ ما يمثل إهانة إلى جيل من الباحثين لم يبذَل جهداً كافياً للوصول إليه وتشجيعه. واتفق وزير الثقافة حلمي النمنم مع هذه الرؤية في كلمة ألقاها خلال الاجتماع نفسه وكان وقتها يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية؛ إذ قال إن «الحجب متكرر سنوياً وهذا لا يليق في بلد يضم 23 جامعة رسمية». وعلى رغم هذه المداولات والتوصيات المتكررة حجبت 13 جائزة من أصل 32 جائزة تشجيعية في دورة 2015 مقارنة بعام 2014 حيث حجبت 17 جائزة. ولم تستعمل معظم لجان الفحص حقها القانوني بمحاولة استدعاء أعمال تستحق لم يقدمها أصحابها. وعلى رغم أهمية جائزة الدولة التشجيعية، فإن الكثيرين مِمَن يرغبون في الحصول عليها؛ لا يعرفون متى يفتح باب الترشح ولا متى يُغلَق؛ إضافة إلى أن تخصيص بعض الفروع لأنواع أدبية وفنية معينة تسبب في إحجام شباب الكتاب والباحثين عن التقدم إلى الجائزة، ما دفع لجان الفحص إلى التوصية بعدم الإعلان عن تخصص بعينه وفتح الجائزة أمام كل المتخصصين في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا... وأوصت كذلك بضرورة إخطار المؤسسات الأكاديمية والثقافية بفروع الجائزة وموضوعاتها ومواعيد التقدم لها، والتوسع في قنوات الإعلان عن جوائز الدولة لتشمل الصحف كافة والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، وقصور الثقافة ومراكز الشباب والجامعات. لكنّ هذه التوصيات لم يُعمَل بها، ووجدنا أن جائزة القصة القصيرة خصصت لفن القصة القصيرة جداً، ما تسبب في تقليص ملحوظ في عدد المتقدمين لنيل الجائزة. ومن التوصيات المؤجلة، ألا يتجاوز عمر المترشح إلى الجائزة التشجيعية الأربعين سنة، علماً أن الدورات الأخيرة شهدت فوز من تجاوزوا الستين والسبعين، وهو ما يناقض فكرة تشجيع شباب المبدعين والباحثين.