أكتب هذه المقدمة بعد خسارة منتخبنا الوطني لمباراته الافتتاحية في نهائيات كأس الأمم الآسيوية المقامة حالياً في الدوحة من منتخب سورية الشقيق بهدفين في مقابل هدف واحد، وبعد أن شاهدت وتابعت وسمعت بعض المشجعين المتعصبين والمنفعلين الشامتين، بل المنتشين بخسارة المنتخب السعودي، والذين لبسوا ثوب الشماتة والتشفي في منتخب وطنهم، وكأن المنتخب فاز ولم يخسر، وهذه ظاهرة تثير الاستغراب من هذه المشاعر السوداوية، وهذا الانفلات الأخلاقي، وهذا الصلف والغرور، الذي لا يصدر حتى من مرضى المصحات النفسية. هل التعصب أفسد ذائقة بعض المشجعين؟ وهل التعبئة الإعلامية المناوئة للمدير الفني للمنتخب منذ وصولة أتت ثمارها بشكل سلبي؟ وهل المسافة بين المشجع السعودي الواعي والمشجع المتعصب متسعة الهوة إلى هذه الدرجة المخيفة؟ يصاب المشجع بالغبن والحسرة على خسارة منتخب بلاده شيء مقبول، وينفعل المشجع على اللاعبين والمدرب وتهتز معنوياته بعد الخسارة شيء مقبول أيضاً بمفاهيم الناسخ والمنسوخ على المستوى العالمي، أما أن يعرب المشجع عن سعادته بهذه الخسارة، فتباً لهكذا مواطنة ماتت في أحشائها الهلوسة. صدمتني الخسارة غير المتوقعة من منتخب سورية الشقيق عطفاً على الفوارق الفنية التي كنا نتوقع أنها تميل لمصلحتنا، ولكن الصدمة الحقيقية هي التي شفتها وسمعتها من ثلة تدعي الوطنية، بينما تتراقص طرباً على جثة الهزيمة، التي لا تعبر عن نهاية العالم، بقدر ما هي ترجمة فعلية لكرة القدم المدورة التي تدير ظهرها لمن تشاء وتطاوع من تشاء ونتائجها مثيرة وأحياناً مريرة. يرحل بيسيرو ويعود الجوهر لا يهم، فالقائمون على المنتخب السعودي «أبخص» بأوضاعه، الذي يهمنا هو التفكير في مباراة الأردن المفصلية، ويجب أن نعترف بان الفوارق الفنية بين المنتخبات التي وصلت لنهائيات كأس الأمم الآسيوية الحالية متقاربة للغاية، ويجب أن نبني طموحاتنا على الواقع لا على الماضي، فالتاريخ لا يشفع للجغرافيا. الهوس الكروي يصل ذروته في البطولات القارية والعالمية المهمة، وهذا شيء اعتادت عليه الأوساط الرياضية في أرجاء المعمورة كافة، ويختلف الهوس من بلد إلى آخر بحسب الثقافة والفهم لأبعاد الرياضة، وبحسب الوعي، أما أن يتحول هذا الهوس إلى حنق وغيض وشماتة بمنتخب البلد الذي ينتمي له «المنفلت» في أعصابه وفي ثقافته، فهذه ثالثة «الأثافي». [email protected]