تلاحقت اللقاءات والاجتماعات المتعلقة بالأزمة اللبنانية في كل من واشنطنونيويورك أمس، فزار رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري ليل أول من أمس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مقر إقامته، واجتمع مساء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بعدما كان التقى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وكان ساركوزي اجتمع خلال النهار مع نظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن، وكان لبنان جزءاً من البحث بينهما، قبل ان ينتقل مساء الى نيويورك للقاء خادم الحرمين الشريفين. وعلمت «الحياة» أن القمة الأميركية - الفرنسية تطرقت الى الوضع اللبناني والعلاقات مع سورية. وأشارت مصادر فرنسية الى أن موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لم يأخذ حيزاً واسعاً من النقاش بين الجانبين الأميركي والفرنسي باعتبار أن باريس وواشنطن «متفقتان على أن المحكمة يجب أن تواصل مسارها من دون تدخل». وذكرت المصادر الفرنسية ل «الحياة»، قبل القمة، أن ساركوزي يأمل بإقناع أوباما بزيادة سياسة الانخراط مع سورية لتشجيعها على المزيد من الخطوات الإيجابية، إن في لبنان أم على صعيد عملية السلام»، معتبرة أن تعيين الرئيس الأميركي سفيرا في دمشق «خطوة مشجعة، ويُفترض اتخاذ المزيد من الخطوات لتشجيع الجانب السوري على منع زعزعة الاستقرار، لا سيما بعد صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان». وكان الحريري التقى مساء أول من أمس الأمين العام للأمم المتحدة وبحث معه الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لسيادة لبنان وأجوائه ومياهه الإقليمية. كما أن البحث تناول الجهود الإقليمية وغيرها لتعزيز الاستقرار في لبنان. وقال الناطق باسم بان إن الأخير جدد تأكيده أن المحكمة الخاصة بلبنان هيئة مستقلة، معرباً عن الأمل بأن يساعد عمل المحكمة على وضع حد للإفلات من العقاب في لبنان. وتناول الحريري مع بان اعتماد لبنان على الأممالمتحدة لمنع أي تعد على المنطقة الاقتصادية اللبنانية وما تحتويه من ثروات نفطية وغازية. واعرب بان، خلال لقائه الحريري، عن امله ان تؤدي المحكمة الى «انهاء الافلات من العقاب في لبنان». ونوه بقيادة الحريري للبنان في هذا المنعطف الحاسم. وبحث الطرفان ايضا في القرار 1701، وضرورة انهاء الخروقات الاسرائيلية للاجواء اللبنانية. وشدد بان على ضرورة تنفيذ الطرفينتنفيذا كاملا للقرار 1701، وأخذ علما بقلق لبنان من مسائل الحدود البحرية مع اسرائيل، مشيرا الى ان ترسيم هذه الحدود ليس من مهمة «يونيفيل». الى ذلك افادت مصادر مطلعة ان احداث اريزونافرضت تغييرات على برنامج الرئيس الاميركي الذي كان من المقرر ان يزور نيويورك للقاء الملك عبدالله، وربما الحريري. ولم يعرف اذا كان اوباما الغى الزيارة نهائيا ام انه ارجأها الى وقت لاحق. في موازاة ذلك، شهدت بيروت حركة ديبلوماسية، فاجتمع ممثل بان في لبنان مايكل وليامز مع كل من رئيس البرلمان نبيه بري ووزير التنمية الإدارية محمد فنيش («حزب الله»).، وقال وليلمز إن الأممالمتحدة مستعدة للمساهمة في ترسيم حدود لبنان البحرية، مؤكداً حقوق لبنان في منطقته الاقتصادية وفي ثرواته النفطية. كما اجتمع السفير الفرنسي دوني بييتون مع كل من بري وفنيش. وعرض رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد الاتصالات الجارية في شأن الأزمة السياسية. وتواصل السجال أمس بين نواب «تيار المستقبل» وبين رموز المعارضة حول ما أدلى به الحريري الى «الحياة» الجمعة الماضي عن أن المطلوب خطوات إيجابية من الفريق الآخر في إطار الاتفاق السعودي – السوري، وذلك في ظل الترقب لفحوى الاتصالات الجارية في نيويورك. وعلمت «الحياة» أن قادة المعارضة يجرون مشاورات ولقاءات بهدف التحضير لمرحلة التكيّف مع التسوية. وذكرت مصادر مطلعة أن هذه اللقاءات تحصل، خصوصاً بين قياديين من «حزب الله» وآخرين من «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون. واعتبر نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن المسعى السعودي – السوري «يقرب من اتفاق لبناني – لبناني ويسهل على اللبنانيين اتخاذ موقف برفض استخدام المحكمة سلاحاً ضد المقاومة». وقال إن «المتضررين يعملون على العرقلة وفي الطليعة الولاياتالمتحدة لأن مصلحتها في الفتنة في لبنان». وزاد: «إننا مقبلون على مرحلة جديدة من تاريخ لبنان يصبح فيها البلد أقوى في مواجهة المشروع الأميركي – الإسرائيلي». وفي المقابل عرض نواب في «تيار المستقبل» للخطوات الإيجابية التي أقدم عليها الحريري، معتبرين أن «الفريق الآخر قام بتعطيل مجلس الوزراء وهيئة الحوار». وأبدى المكتب السياسي لحزب «الكتائب» بعد اجتماعه مساء أمس، ارتياحه الى «تمسك المجتمع الدولي بالمحكمة الدولية ورفض المساومة على أعمالها». ودعا المكتب السياسي «الرأي العام اللبناني، الى عدم الوقوع ضحية المغالطات الإعلامية المقصودة التي تواصل التشكيك بتأييد قوى السيادة والاستقلال كافة للمحكمة، والادعاء بأن بعض مكونات هذه القوى يقبل بالتسويات على حساب الشهداء فيما ترفضها مكونات أخرى». وذكر بأن «حزب الكتائب لطالما دعا الى الفصل بين الخلافات السياسية وقضايا المواطنين والى رص الصفوف بين كل الأطراف السياسيين لاستيعاب القرار الاتهامي المنتظر صدوره عن المحكمة الدولية، وهو منفتح لكل حوار وطني».