لعل أبرز تهمة توجهها النساء إلى الرجال هي «غياب ثقافة الادخار» و«التبذير». وفي المقابل، هن من يتحملن «أعباء تدبير موازنة المنزل». وقد لا يروق هذا الرأي لشريحة واسعة من الرجال، لكنه «واقع» من وجهة نظرهن. فهن يرين أن «الرجال لا يعترفون بما تقوم به المرأة، وتتحمله من أعباء، إذا كانت العائلة تمرّ بظروف صعبة، فتبدأ المرأة في لملمة كل ريال يدخل المنزل، خوفاً من اليوم الأسود». وبعضهن يحملن شعار «أخفِ قرشك الأبيض ليومك الأسود»، وهذه العبارة تغيظ الرجال، الذين يرددون عبارة مناقضة لها تماماً «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب». وتقول الموظفة في إحدى مؤسسات القطاع الخاص في الدمام فايزة سعد: «أضحك عندما أسمع وراء كل رجل مدخر امرأة؛ لأن العبارة جاءت لتضرب في الصميم، ليسمعها ملايين الرجال، الذين يستنكرون هذه العبارة، ويعتبرون المرأة هي مُبذرة المال، علماً بأن الرجل لا يشعر بالراحة إذا كان في جيبه ريال، فيبحث عن وسيلة للتخلّص منه. أما المرأة فتحاول - بقدر الإمكان - اختصار مصاريف، وتوفير بعض أموالها لوقت الأزمات». ومن منطلق «كنز وقت الأزمات» يبدأ عبدالإله إسماعيل حديثه بالقول: «لا أنكر ذلك، بعض النساء – وهن قلة قليلة - يلجأن إلى التوفير من وراء الرجل، وقد يغمض عينه ويفتحها ليرى نفسه ثرياً. وربما يرى نفسه في مهب الريح، فهذه المقولة نسبة الحقيقة فيها ضئيلة جداً»، مضيفاً أن «المعروف عن السعوديات شغفهن بالتسوّق والتبذير وحب الماركات العالمية. أعتقد أن المقولة فعلية، لكن لا تنطبق على كل النساء». ويعتقد إسماعيل أن «المرأة المدخرة، وتسعى لمصلحة زوجها بتوفير ماله، وغيرها من العبارات الرنانة، اندثرت، وزمانها ولّى، فلم تعد النساء هكذا، فلقد كانت تنطبق على أمهاتنا وجداتنا، ولا أسمع اليوم عن امرأة تدخر مال زوجها، والمجمل العام والقصص التي تتناقل تشير إلى تبذير المرأة»، لافتاً إلى حالات الطلاق بسبب «قلة مال الزوج، وعدم قدرته على الإيفاء بالمصاريف، وعدم تحمّل الزوجة ذلك، وغيرها من الأمور. وهذا الأمر هو ما رفع من معدلات الطلاق». وتقع عبارة «وراء كل رجل مدخّر امرأة»، في مجال الشد والجذب بين الرجال والنساء، فكل منهم يحاول شدها اتجاهه، وهذا ما حدث بين زوجين حاورتهما «الحياة»، حول المقولة، فالزوجة بدأت حديثها بكل عزم وقوة: «أنا من يسعى للتوفير في المنزل، وأحاول توفير جزء كبير من راتبه، وتقليل المصاريف كل شهر، وادخار مبلغ باستقطاعه شهرياً لاستعماله وقت الأزمات، وهو لا يعلم بذلك، ويعتقد أنني آخذ المبلغ كمصروف شخصي لي. إلا أنني لا أتصرف فيه». ويرد الزوج ضاحكاً: «فعلاً هذا ما تفعله، ولكنني أتفاجأ بين فترة وأخرى بأنها ترتدي قطعة ذهب، خاتم مثلاً، أو إسوارة، أو ثياب. وما يدهشني أنني لا أرى أثر ما توفّره في المنزل، من خلال تجديد الأثاث، أو اقتناء قطعة كهربائية، أو تعليق منظر»، مستدركاً أن «مقولة وراء كل رجل مدخر امرأة، صحيحة، لكن أين يذهب الادخار؟». ويطرح الزوج تساؤلات عدة في هذا الصدد، مضيفاً «المرأة مُدخرة، لكن ليس لزوجها ومنزلها، وإنما لنفسها». ولكنه لا ينكر أنه يسمع عن مواقف عدة، عن «زوجات مدخرات على حساب أنفسهن»، وهذا ما تشير إليه زوجته «راتب زوج صديقتي ضئيل، وهي موظفة، وتتسلّم راتباً أعلى منه بكثير، ولكنها لم تسعَ للتوفير لنفسها، وإنما لمصلحة الأسرة. ولا تصرف ريالاً واحداً على نفسها، فتسدد الديون والالتزامات كافة. ومن هذه الحكاية، ندرك أن المرأة مُدخرة، سواءً لنفسها أم لمصلحة أسرتها، على النقيض من الرجل تماماً». وتروي حكايات عدة عن «رجال أعمال وقفوا على أرجلهم وشدوا همتهم بسبب توفير الزوجة». ولم تنته المداخلات في هذا المحور، إلا أن البعض أشار إلى المثل «الرجل جنا والمرأة بنا»، أي أن «الرجل يجني ثمار عمله بمقابل مادي، والمرأة عليها البناء أو الهدم».