يعتبر الكتاب الذي صدر حديثاً عن نادي المدينة الأدبي بعنوان «قديم الأدب وحديثه في بيئة المدينةالمنورة» الكتاب الثالث عشر في سلسلة إصدارات أستاذ الأدب في كلية الآداب في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عاصم حمدان على مدى ربع قرن من الزمن. وتناولت هذه الإصدارات قضايا عدة، منها ما هو فكري مثل نحن والآخر، ومنها ما يدخل ضمن باب الدراسات الأدبية المقارنة مثل «دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي» ومنها ما هو نقدي مثل «قراءة نقدية في بيان حمزة شحاتة الشعري» ومنها ما هو إبداعي مثل: «رحلة الشوق في دروب العنصرية» و«أشجان الشامية». ويظل التأليف عن أدب المدينةالمنورة محوراً أساسياً لدى المؤلف، إذ صدر له من قبل كتابان في هذا الباب هما «المدينةالمنورة بين الأدب والتاريخ» و«صفحات من تاريخ الإبداع الأدبي في المدينة». يبدأ الكتاب الجديد، الذي بلغ عدد صفحاته نحو280 صفحة ببحث يحمل اسم «أين بواكير شعر المنافحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟» وفي هذا البحث نجد حمدان يتطرق إلى قضية الندرة والوفرة في الشعر في البيئة المكية في العصر الجاهلي، ثم يتعرض المؤلف في هذا الفصل إلى العلاقة الوثيقة بين الشعر والتاريخ، وإلى بيئة المدينة الشعرية في العصر الجاهلي، التي كانت من أكثر بيئات الجزيرة العربية وفرة في الشعر. وينتقل المؤلف في الفصل الثاني لدراسة تمهيدية تتعلق بالحالة الفكرية في البلاد الغربية في القرن الثاني عشر الهجري - الثامن عشر الميلادي، متخذاً من بيئة المدينة في تلك الحقبة متكأ لدراسته، فحاور عدداً من رواد النهضة الإسلامية في المدينة لتلقي العلم، مثل الشيخ ولي الله الدهلون والشيخ محمد بن عبدالوهاب. ويربط بين الدور المهم الذي قامت به بيئة المدينة العلمية والفكرية، وبين حلقات العلم في الحرمين الشريفين، التي لعبت دوراً في صياغة المعطيات الثقافية والفكرية، خصوصاً في القرون الهجرية المتتالية الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، معرجاً على دور المرأة في نشر العلم الشرعي في المدينتين المقدستين. أما الفصل الرابع فخصصه المؤلف للبحث عن شخصية العالم والمفكر أمين بن حسن الحلواني، وصلته بدوائر الاستشراق خصوصاً في «لايدن» في هولندا، ويأتي الفصل الخامس ليتوسّع في البحث عن دور شعراء المدينة في عملية النهضة والنقطة العربية مثل الأسكوي، وعبدالجليل برادة، ومحمد العمري، وعبيد مدني. ويختم المؤلف كتابه بفصل عن البيئة الشعرية والأدبية في المدينة في العصر الحديث، ودورها في إرساء الحركة الأدبية في المملكة.