تابع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، من مقره في معراب، المسار الذي آلت اليه جلسة المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. ودعا جعجع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون الى «إجراء الانتخابات كما جرت عام 1970 اي ان يترشح رسمياً ويقدم برنامجه ونذهب الى المجلس النيابي وفي نهاية المطاف يُنتخب أحدنا ونصل الى رئيس فهذا هو الطريق السليم الوحيد، وإلا نكون في 7 ايار جديد يطاول المسيحيين سياسياً هذه المرة، بعدما طاول 7 أيار 2008 السنّة والدروز عسكرياً»، معتبراً ان «حزب الله يريد رئيساً يساعده على تحقيق اهدافه لا ليخدم اللبنانيين والمسيحيين او يعبر عن الوجدان التاريخي للبنانيين». واعتبر المرشح الرئاسي جعجع في مؤتمر صحافي عقده بعد فشل النواب في تأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس، أن ما جرى «انقلاب كامل على دستورنا وتقاليدنا البرلمانية وتاريخنا السياسي»، وحين سئل عن امكان انسحابه لمصلحة مرشح آخر من قوى 14 آذار، اكد جعجع انه «اذا كان هناك مرشح جدي يمكن التفكير بالأمر». واستشهد ب «محطات تاريخية استثنائية شهدها المجلس النيابي في العامين 1958 و1970 لانتخاب رئيس للجمهورية والذي تمّ على رغم الانقسام الذي كان حاصلاً حينها، وكان أشد حدةً من الوقت الراهن، ولكن لم يتم تعطيل النصاب بل مارس النواب واجبهم الوطني بكل ديموقراطية». وشدد على ان الدستور اللبناني، بتناوله موضوع النصاب في المادة 49 منه، «اراد تنظيم عملية إجراء الانتخابات الرئاسية وليس تعطيلها. فالوظيفة الأولى والأساسية للنائب هي تمكين حصول الانتخابات الرئاسية وليس العكس». وجدد التأكيد «ان تغّيب بعض النواب عن حضور جلسات الانتخاب ليس حقاً دستورياً للنائب بالمطلق كما يدّعيه بعضهم، وإنما هو تدبيرٌ استثنائي يلجأ اليه نواّب الأمّة في ظروفٍ قاهرة واستثنائية تحول دون تمكّنهم من التعبير عن رأيهم بحريّة، كوقوع الدولة، او بعضها، تحت الاحتلال مثلاً. لكن ان يتحوّل هذا الاستثناء الى قاعدةٍ عامة يتم اللجوء اليها في ظروفٍ عادية كالتي نعيشها اليوم، من اجل ممارسة الإبتزاز لفرض انتخاب رئيسٍ مُعيّن، فذلك يُعتبر خرقاً للدستور». ورأى ان «شعار التوافق اضحى بفعل تشويهه وإفراغه من مضمونه الحقيقي، رديفاً للتعطيل والفراغ والتهميش في موقع الرئاسة الأولى، فهذا السلوك الذي تنتهجه بعض قوى 8 آذار ينعكس سلباً على المستوى الوطني ككل، ويُهدد الميثاق الوطني بحدّ ذاته»، لافتاً الى أن «فريق 8 آذار يعتمد معادلة واحدة: إما رئيس من 8 آذار أو الفراغ». وسأل: «لماذا تمتنع قوى 8 آذار عن إعلان اسم مرشحها الرئاسي حتى هذه اللحظة؟ وافتراضاً ان شعار التوافق الذي ترفعه 8 آذار صحيح، فلماذا لم تقترح هذه القوى اسماً او مجموعة اسماءٍ لشخصيات لا تنتمي اليها، من اجل التباحث مع الكتل الأخرى حول حظوظ توافقيتها؟، هل يقبل فريق 8 آذار بتعميم التوافق على قرار السلم والحرب مثلاً؟ أو على موضوع القتال في سورية؟ أو على موضوع السلاح غير الشرعي ككل؟ أم على موضوع انتخابات رئاسة المجلس مثلاً؟». واعتبر «ان الشرط الأول من شروط التوافق هو حصوله بروح التوافق، لا ان يكون شعار حقّ يُراد به الابتزاز والفرض، امّا إذا كان التوافق غير متوافرٍ لسببٍ او لآخر، كما هي الحال الآن، فالذهاب الى التصويت وتقبّل نتائج الصناديق بكل روحٍ رياضيةٍ، هو الرديف القانوني والشرعي للتوافق، وفق القواعد المُتبّعة في كل الأنظمة الديموقراطية، ومنها لبنان. وفي مطلق الأحوال، فإن التغيّب عن جلسات النصاب من طرفٍ واحدٍ وتعطيل عمل المؤسسات في لبنان، لا ينّم عن روحٍ توافقية أبداً، بل على العكس، فهو ينمّ عن رغبة بفرض مرشّح معيّنٍ من دون سواه». وشدد على «ان عرقلة انتخاب رئيسٍ فعلي للبلاد يُعبّر عن تطلّعات اللبنانيين ويُمثّل المسيحيين في السلطة، يعني حكماً الإتيان برئيسٍ صوري تفرزه الغرف المغلقة والصفقات الخارجية، مّا يعني تهميش موقع الرئاسة وتقزيم دور الرئيس العتيد، واستطراداً تهميش التمثيل المسيحي داخل السلطة، مّا سيؤدّي الى خللٍ في الشراكة الوطنية والميثاق الوطني». وإذ لفت الى «ان المسيحيين في لبنان باتوا يشعرون وكأنّ هناك مؤامرةً ما على دورهم في لبنان»، اعتبر «انّ ما يجري اليوم يستكمل ما كانت حقبة الوصاية افرزته لجهة إضعاف موقع المسيحيين في التركيبة اللبنانية، من خلال تعطيل جلسات انتخاب الرئيس، والعجب الأكبر ان يحتّل واجهة هؤلاء المعطلين والمتلاعبين، فريقٌ مسيحي». ووجّه جعجع نداء الى المرجعيات السياسية اللبنانية «حتى تدفع بكل قوتها، وبروحٍ من المسؤولية الوطنية، باتجاه إنجاز هذا الاستحقاق الرئاسي بعيداً من لغة التعطيل والابتزاز واستجلاب التدخلات الخارجية». وتوجّه ب «نداء حار الى المرجعيات الدينية، مسيحية وإسلامية ودرزية، وخصوصاً مرجعيّة بكركي، حتى تطلب من النوّاب المُعطّلين، وفي طليعتهم النواب المسيحيون، الكّف عن التلاعب بهذا الاستحقاق المصيري، والالتزام بما تعهدّوا به في بكركي». وعن امكان انسحابه لمصلحة مرشح آخر من قوى 14 آذار، ردّ جعجع: «هل كنت انا المرشح في انتخابات 2008؟ لمَ عطلوا النصاب حينها؟ هذا يظهر ان الفريق الآخر يريد رئيساً كما يريد وإلا لا انتخابات». وقال: «اعطوني شخصاً واحداً مقبولاً من كل اللبنانيين، اعتقد ان هذا الأمر مستحيل»، لافتاً الى ان «النائب هنري حلو شخص محترم لكن انتخابات الرئاسة لها غير شروط وظروف ومواصفات أخرى، وليقل لنا حلو إن اصبح رئيساً ما هو برنامجه؟ فبالنسبة إلى التسويات لا تنتج شيئاً، نحن نحكم على البرنامج وليس على كيفية تصنيف المرشح لنفسه». 14 آذار وفي السياق، عبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار عن «حزن اللبنانيين الذين شهدوا اليوم (أمس) على نسف عملية عدم اكتمال النصاب من نواب يفترض أن يكونوا مسؤولين عن كل لبنان وأن يؤمّنوا النصاب لانتخاب رئيس». وأكدت تماسك «فريق 14 آذار في مواجهته مراحل متتالية من الاستحقاق الرئاسي، ولدينا مرشح وحيد هو الدكتور جعجع، وندعم هذا المرشح بتضامن كامل».