124 سنة هو مجموع عمرهما. الأرجنتينيان خورخي بيروني (74 سنة) وألبيرتو غونزاليس (50 سنة)، دخلا هذا العام "تحدي" رالي دكار الذي يقام للمرة الثالثة في الأرجنتين وتشيلي. غالباً ما يكون الشغفون برياضة السيارات في مثل هذه السن يتابعون السباقات من على كنبة في ركن منزلي. لكن بيروني تحديداً كان له رأي آخر. هذا السائق الهاوي لسيارات الدفع الرباعي، "رمم" وصديقه غونزاليس "تويوتا هيلّوكس" في مرآبهما الخاص بمنطقة فنسنتي لوبيز شمال بونيس ايرس، حيث يصلحان عادة علباً للسرعة في مركز خدمة فرعي لشركة "رينو". بيروني "العجوز الذهبي" أب لثلاثة أولاد وجدّ لأربعة أحفاد، أمضى عمره بطريقة أو أخرى في خضم السيارات والأجواء الميكانيكية (منها سنوات موظف في شركة "غوديير" للإطارات)، على حدّ تعبيره. ويتابع منذ سنوات طويلة سباقات دكار، "لكن شعوري كان مختلفاً العام الماضي" كما يقول. ويذكر أنه قصد نقطة الوصول على بُعد 200 كلم من العاصمة الأرجنتينية، "رغبت في متابعة ميدانية للحدث، مشاهدة الطواقم وتصوير الأبطال. وهناك تخيّلت نفسي على متن إحدى السيارات التي أتمت المغامرة... وفي طريق العودة صارحت زوجتي بما يختلج في صدري من حماسة، ولم أكن أعتقد أن السباق سينظّم مجدداً هنا. لكن حين أعلنوا ذلك كاشفين عن المسار الجديد توجّب علي إقناع فيوليتا (زوجته) بتصميمي على المشاركة. ولما كاشفتها بالأمر أدركت أن قراري نهائي وأنه لا طائل للممانعة. وإكتفت بالردّ: ما أطلبه منك فقط أن تنتبه لنفسك". لقد بدأت مرحلة جديدة، مرحلة التحضير والإعداد بدنياً وإدارياً وميكانيكياً. تولت "السيدة بيروني" الإشراف على برنامج حمية لزوجها، إذ كان عليه أن ينقص وزنه، وتمكن من التخلي عن 32 كلغ (من 124 إلى 92 كلغ)!، فضلاً عن اتباعه برنامج تدريب بدني لإكتساب اللياقة وإصلاح قدر الإمكان ما أفسده الدهر، تضمن فقرات لتليين العضلات وشدّها مدتها نصف ساعة يومياً. كان بيروني وغونزاليس يسهران في مرآبهما حتى الواحدة فجراً، ويمضيان دواماً جديداً بعد إنتهاء عملهما اليومي، في "نفض" بيك أب هيلوكس المتهالك الذي اختاراه كي يتوافق ومعايير الاتحاد الدولي (فيا) وأنظمته، وليخوضا على متنه دكار. ثم اختبراه بعد التجهيز على الكثبان الرملية جنوب العاصمة الأرجنتينية. وأدرك بيروني أن الحلم أصبح حقيقة حين ألصق إداريو دكار رقم السباق على بابي السيارة، فدمعت عيناه. وبكى تأثراً وفرحاً خلال مرورهما في الطواف الإستعراضي للمشاركين في شوارع بونيس ايرس قبيل الإنطلاق الرسمي، حيث حياهما الجميع وفي مقدمهم أفراد عائلتيهما. واستقبلا بعبارات الترحيب والتمنيات بالسلامة، وجملة "ننتظركما عند خط الوصول"... وهذا ما يسعيان له الأحد 16 كانون الثاني (يناير) ليكون انتصارهما مجلياً.