حدثان غيرا مجرى الامتحانات هذا العام في العراق، الأول العطلة الطويلة التي منحتها وزارة التربية لطلاب الثانوية لمراجعة موادهم الدراسية والثاني تقديم الجامعات مواعيد الامتحانات أملاً بالانتهاء منها قبل رمضان، أو على الأقل في الأيام الأولى منه. ولأول مرة منذ أعوام ترجئ وزارة التربية العراقية الامتحانات النهائية لطلاب السادس الثانوي إلى ما بعد العيد في حين أن طلاب المرحلة الثالثة في المدارس المتوسطة سيؤدون امتحاناتهم في الأيام الأولى لشهر الصيام ويبدأون في الرابع من حزيران (يونيو). صيام الطلاب الذين يستعدون للتأهل إلى الجامعات في رمضان الحالي يبدو أمراً مستحيلاً مع ارتفاع درجات الحرارة. فهم اليوم في مرحلة المراجعة وعليهم أن ينهوا كل المناهج في المدة التي منحت لهم قبل الامتحانات، ولذلك يبدو الصيام صعباً في رمضان الحالي. وعليه، قرر الكثيرون منهم تأجيل صيامهم وإكمال المناهج، لا سيما أنهم حصلوا على فرصة ذهبية هذا العام حينما منحتهم الوزارة مدة مراجعة تزيد على شهرين ونصف الشهر فيما كان أقرانهم يحصلون على شهر واحد أو شهر ونصف الشهر في أفضل الأحوال. بعض الطلاب يتهامسون في ما بينهم قبل أن تظهر ابتسامة ماكرة على محياهم ويرددون عبارة «ربما كان ابن أحد المسؤولين في المرحلة ذاتها فجاملوه مثلما حدث مرات عدة في الأعوام الماضية»، لكن هذا الهمس يذهب أدراج الرياح حينما يتذكرون وجود مدة كافية للمراجعة. أحاديث الطلاب مستقاة من أحاديث تهمس بها الناس في الشارع حول تكييف جدول الامتحانات ومدة المراجعة بحسب وضع أبناء بعض المسؤولين، لكن لا أحد يعرف بشكل جازم ماذا يحدث، خصوصاً أن الوزارة وجدول الامتحانات يتغيران بشكل دائم. الجامعات سبقت المدارس هذا العام وقررت أن تبدأ امتحاناتها قبل رمضان لتضمن انتهاء الدوام قبل الصيام فيما مددت جامعات أخرى امتحاناتها يومين أو ثلاثة وبعضها باشر قبل أيام فقط، وفي جميع الأحوال فإن الجامعات ستنهي امتحاناتها قريبا لتتهيأ لاستقبال طلاب الصف الثالث المتوسط الذين افترقوا هذا العام عن طلاب السادس الإعدادي بعدما كانوا يؤدون امتحاناتهم جنباً إلى جنب في كل عام داخل الجامعات ويتناوبون على مقاعدها. أما اليوم فسيبدأون امتحاناتهم بشكل مبكر قبل أقرانهم في الثانوية وسينتهون منها بعد منتصف شهر الصيام ما يعني أنهم سيؤدون امتحاناتهم في درجات الحرارة المرتفعة التي بدأت تتجاوز الأربعين مئوية في بغداد. وسبب تزامن رمضان مع الامتحانات في بعض المدارس والجامعات قلقاً للطلاب وفي الوقت ذاته دفع الأهل إلى منع أبنائهم عن الصيام قبل إنهاء الجدول الامتحاني بشكل كامل، لاسيما من طلاب المدارس، فيما قرر بعضهم بشكل فردي نسيان الأمر والانشغال بالدراسة وتعويضه لاحقاً، أما طلاب الجامعات فيبدون أكثر حظاً، إذ أنهى معظمهم الامتحانات قبل رمضان وسيقضون شهر الصيام هذا العام في المنزل. والطريف في الأمر أن الطلاب الجامعيين الذين يمارسون الغش كانوا فرحين بتقديم الامتحانات في موعدها، لأنهم تمكنوا من استخدام الطرق المختلفة «من دون أن يشعروا بالذنب» مثلما قال بعضهم، لأن تقديم الامتحان في رمضان قد يمنعهم من الغش.