يقول المايسترو وليد غلمية إن ميزة مهرجان البستان للموسيقى الكلاسيكية هذه السنة كونه يجمع باقة من خيرة الأدمغة الأوروبية في التأليف والإبداع. «من الدانوب الى البحر الأسود» عنوان التظاهرة التي تبدأ في الثاني والعشرين من شباط (فبراير) المقبل وتنتهي في منتصف آذار (مارس) 2011. ولعل دلالة الثيمة تشكيل تجانس ثقافي - فني - جغرافي من شأنه أن يخلق تياراً معرفياً، على غرار تدفق النهر واختراقه مدناً وبلدات أوروبية منح أبناؤها والمقيمون فيها واللاجئون إليها عبر الحقب التراثَ الموسيقيَّ آثاراً خالدة. عازفو مدينة صوفيا يؤسسون مناخ التظاهرة في أمسية الافتتاح، جامعين تشكيلة مختارة من مقطوعات التشيكي دفورجاك والبلغاري كازاندييف والألماني بيتهوفن. واللافت هنا أن العازفين المنفردين يتمتعون، كل على حدة، بوزن مستقل من الشهرة في الأداء الفردي. لكنهم يأتزرون لإحياء الافتتاح والأمسية اللاحقة في 24 شباط احتفاء بعازفة الكلارينيت الشابة لون مادسن التي خلبت ألباب الأوروبيين بأدائها الشفيف، البارع والمؤثر، واعتبرها النقاد طليعية في أسلوبها المتمرّس بموسيقى موتسارت وتيليمان وبارتوك وتشايكوفسكي. وفي مؤتمر صحافي عقد أمس في فندق البستان وجمع أعضاء لجنة المهرجان الى نقيب الصحافة محمد بعلبكي، تحدثت رئيسة المهرجان ميرنا بستاني عن موسم البستان 2011 الذي يضم 240 فناناً من 15 دولة أوروبية، فذكرت بالتفصيل أهمية الأمسيات المقررة على الصعيدين الفني والثقافي، وعرضت لمصدر عنوان المهرجان المأخوذ عن نشاط هوبرت فون غويسن أحد أشهر موسيقيي النمسا، الذي حوّل مركباً عائماً على الدانوب الى حفل موسيقي جوال يقوم برحلات دائمة من شمال النهر الى شرقه، ويتوقف في القرى والبلدات على ضفاف النهر داعياً موسيقييها الى المشاركة في إحياء تراثهم والاستماع الى موسيقى العالم. وذكرت بستاني أن فون غويسن سيلقي محاضرة في 15 آذار (مارس) المقبل في الجامعة الأميركية في بيروت حول تجربته الموسيقية الفذة. وشددت ميرنا بستاني على ضرورة إحياء مشروع دار الأوبرا اللبنانية، إذ لا يجوز أن يبقى لبنان من دون دار للأوبرا والموسيقى الكلاسيكية المتقدمة. وفي هذا المجال ذكر المايسترو وليد غلمية، أن الدولة اللبنانية أقرّت سنة 1976 مشروع بناء دار للأوبرا، وأن الأرض موجودة قرب قصر العدل، فقالت ميرنا بستاني: «أعطونا الأرض وأنا كفيلة بالحصول على المال اللازم لبناء الدار». وتحدث الموسيقار وقائد الأوركسترا جان لوكا مارسيانو عن عمله كمدير فني للمهرجان، وعن البلدان العشرة التي يمرّ بها الدانوب في طريقه الى البحر الأسود حتى تبليسي. وتطرّق بإسهاب الى مساهمته الأكثر أهمية في بستان هذه السنة، حيث سيجمع أربع أوبرات لفاغنر في تنسيق موحّد يخلو من الأصوات ويركز على الموسيقى البحتة. وتلك تجربة لم يسبق لها مثيل، خصوصاً أن أوبرات فاغنر معروفة بغناها الشعري وقصصها التراجيدية. يشارك في المهرجان أكثر من تسعين موسيقياً من جورجيا وحدها، إضافة الى مئة من الفرقة الفيلهارمونية اللبنانية، التي ستكون حاضرة ومشاركة في معظم النشاطات. إضافة الى ذلك يرحب المهرجان بعشرين موسيقياً موهوباً سيدرّبهم لأداء أمسية خاصة المايسترو جيانكارلو ليلة 21 من آذار المقبل. أما السهرة الشرقية الوحيدة، فيحييها عازف القانون اللبناني جيلبير يمين في أول آذار(مارس) المقبل.