في الوقت الذي كانت فيه مجلة «آرابيان بزنس» تعلن قائمة ال50 عربياً الأكثر ثراءً، كان مؤسس شبكة «فيسبوك» مارك زوكربيرغ ومعه 16 ثرياً جديداً ينضمون الى جمعية «وعد العطاء» Giving Pledge، للتبرع بنصف ثروتهم لأعمال الخير. و«وعد العطاء» جمعية أسسها بيل غيتس وزوجته ميلندا مع وارن بوفيت لجمع أثرياء أميركا للتعهد بإعطاء نصف ثرواتهم لأعمال الخير، ووصل عدد أعضاء الجمعية الوليدة إلى 57 ثرياً. زوكربيرغ الذي لم يتعد 26 عاماً وتقدر ثروته ب6.9 بليون دولار قال بعد انضمامه إن «الناس تنتظر حتى تصل إلى سن متأخر لتتبرع، فلماذا الانتظار وهناك أشياء كثيرة يمكن عملها حالياً». الجمعية الجديدة ضمت أسماء لامعة في سماء المال والأعمال الأميركي، منهم عمدة نيويورك ميشال بلومبيرغ، ومؤسس محطة «سي ان ان» الاخبارية تيد تورنر، ومؤسس موقع eBay بيير اموديار، والفندقي الشهير بارون هيلتون، ومؤسس «اوراكل» لاري اليسون. وكانت «الفايننشال تايمز» نشرت تقريراً حديثاً عن أفضل البلدان في قائمة الأعمال الخيرية، وكان السبق فيه لأميركا، تبعتها ايطاليا، فبريطانيا ففرنسا فألمانيا ثم إسبانيا، وخلت المراكز العشرة الأولى للأسف من اية دولة عربية أو اسلامية، مع ان شريعة الإسلام هي الأكثر حضاً على التبرع والصدقة وعمل الخير. وبالعودة لقائمة ال50 عربياً الأكثر حظاً بحسب تصنيف «آرابيان بزنس»، فقد سيطر السعوديون على المراكز الخمسة الأولى فيها، واحتلوا 33 مقعداً من أصل 50 مقعداً تم اعلانها، بعد دخول 20 ثرياً جديداً من السعودية إلى القائمة حديثاً. وبالتأكيد فإن القائمة لم تضم كل اثرياء السعودية، فهناك اثرياء كثيرون يعرفهم الناس يمتلكون أكثر مما يمتلكه كثير من الذين أدرجت اسماؤهم في القائمة، إلا أن غياب ضرائب الدخل، وضعف مبادئ الافصاح المالي في مصلحة الزكاة جعلا معرفة أرصدة كثير من الأسماء والعوائل شيئاً من علم الغيب لا يعلمه الا الله سبحانه. وليس الهدف بالتأكيد تعداد أثريائنا في السعودية أو في الخليج العربي، فهم كثيرون والحمد لله، ولكن لننظر ونقارن بين ما يقدمه الأثرياء في العالم الأول لمجتمعاتهم، وبين ما قدم أصحابنا، النتيجة للأسف صفر مكعب أو قريب منه. وحينما تستعرض اسماء الاثرياء الذين ضمتهم القائمة فأنت بالكاد تجد اسماً او اثنين فقط قدما القليل، وأما البقية فالوطن لهم مصدر دخل وثراء، واما نفعهم فللخارج، وبالأمس تبرع أحدهم بستة ملايين دولار لإنشاء ملعب رياضي في دولة افريقية، وآخر تبرع لكلية أعمال في بريطانيا، وثالث ورابع، ولاشيء للوطن. الأغرب والأعجب أن كثيراً من هؤلاء حصل على ثروته بدعم الحكومة، ومشاريعها التي فضلت السعودي، وقصرت التعاقد عليه، في سعيها لتنمية القطاع الخاص، ليعود الكثيرون للتبرع للخارج بعد ان كونهم الوطن وصيرهم رجال أعمال ومشهورين تنشر صورهم في صحف «البيزنس» الشهيرة. وعلى النقيض جاءت ثروات الأميركان الذين تبرعوا بما يصل إلى نصفها نتيجة لجهود فكرية وعملية في تأسيس «سي ان ان» و«اوراكل» و«فيسبوك» وغيرها، ولم تدعمهم حكومتهم أو تصيرهم اثرياء، ولكن تبرعاتهم لم تتعد تراب وطنهم. ان كثيراً من أثريائنا للأسف تحولوا عالة على الوطن، لا مصدر عطاء له، فالدعم الحكومي للسلع والخدمات يستفيدون منه قبل غيرهم، فهم يشترون الخبز بالسعر الذي يشتريه به الفقير، ومستشفيات الحكومة تحجز لهم الأجنحة والاسرة بصفتهم وجهاء المجتمع، وطبقة الVIP فيه، فيما لا يجد الفقير سريراً شاغراً حين مرضه، والتوظيف عندهم للأجنبي ولا يستفيد منه المواطن. وأختم بسؤال أخير لمصلحة الزكاة والدخل، وهو إن كانت ثروات السعوديين ال33 الذين ضمتهم القائمة فقط تصل الى ما يقارب 200 بليون دولار، فهل يعقل ان ايراد الزكاة السنوي في السعودية التي تضم مع هؤلاء المئات مثلهم لا يتجاوز 8.5 بليون ريال فقط في 2010 بحسب تصريح المدير العام للمصلحة أخيراً؟ لاحظ أن رقم إيرادات الزكاة بالريال وليس الدولار، وهو رقم ضئيل يدل على ضعف جهاز الزكاة، وعدم مبادرة الكبار لدفعها، على رغم اننا لن نطالبهم بالتبرع بنصف ثرواتهم، ولكن نطالبهم فقط بدفع الزكاة الواجبة. اقتصادي سعودي - بريطانيا www.rubbian.com