شهدت أحياء عدة في العاصمة الجزائرية احتجاجات إجتماعية واسعة ضد «غلاء الأسعار وتردي القدرة الشرائية» للمواطنين. وأدى تدخّل قوات الأمن لتطويق مواقع الاحتجاجات التي امتدت أيضاً إلى خارج العاصمة، إلى صدامات عنيفة استُعملت فيها القنابل المسيلة للدموع وذخيرة بيضاء. وظلّت الاحتجاجات تتنقل من حي إلى آخر في وسط العاصمة، مساء الأربعاء، قبل أن تمتد إلى ولايات بعيدة في غرب البلاد وشرقها. لكن أكثر الاحتجاجات عنفاً جرى في العاصمة، خصوصاً في باب الوادي، الحي الشعبي في الضاحية الغربية، حيث خرج شبان إلى الشوارع يهتفون ضد الإرتفاع المفرط في أسعار المواد الغذائية. ولاحظت «الحياة»، في جولة لها على موقع المواجهات، آثار «اقتتال» جرى بين متظاهرين خرجوا تحت «جنح الظلام» في اتجاه المحافظة الخامسة للشرطة التي استدعت تعزيزات أمنية طوّقت المحتجين الذين كانوا ينددون ب «غلاء المعيشة». وفي زاوية من الحي، حيث مقر المحافظة العقارية، وقف شاب ناداه أصحابه «موح» وتجمّع حوله كثيرون وضعوا لثاماً حول وجوههم، قبل أن «يأمرهم» بالتوجه نحو مقر الشرطة. لكن المحتجين تفرقوا في اتجاه أهداف مختلفة تراوحت بين محلات تجارية ومواقف حافلات ومقر كبير لتوزيع سيارات فرنسية الصنع حيث أحرقت ثماني سيارات جديدة. وتواصلت الاحتجاجات صباح الخميس في حي باش جراح الشعبي في العاصمة، في الوقت الذي واصلت قوات مكافحة الشغب تطويق حي باب الوادي الذي عاش ليلة الأربعاء - الخميس واحدة من أعنف المواجهات مع الشرطة. وأفيد بان هذه المواجهات تسببت في جرح 15 شرطياً و13 مواطناً نُقلوا للعلاج في مستشفى لمين دباغين (مايو سابقاً) في باب الوادي. وفي منطقة الأربعاء بولاية البليدة، غرب العاصمة، أفيد بان مواجهات شعبية اندلعت أيضاً في حي بن عوادي وحي بن دالي. أما في بني مراد، بالولاية نفسها، فقد احتج تجار على فرق التفتيش ومراقبة الأسعار. كما عرفت ولاية وهران (غرب) احتجاجات شبيهة، ما دفع بمجلس الأمن في الولاية إلى عقد اجتماع لتقويم الأوضاع بعد احتجاجات شعبية ضد غلاء الأسعار شهدها خصوصاً حي الحمري وحي إبن سينا. ونبّهت أحزاب سياسية من خطورة الوضع، وقالت حركة النهضة إنها تتابع «بقلق كبير» تطورات الوضع الاجتماعي المتفاقم وتدهور القدرة الشرائية للمواطن بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى «حالة غليان شعبي أمام انسداد الأفق للسياسات الاجتماعية المعتمدة وفشلها في الحفاظ على كرامة المواطن». أما التجمع الوطني الديموقراطي، عضو الإئتلاف «الرئاسي» الحاكم، فقد اتهم «جهات مضاربة»، في إشارة إلى شركات غذائية معروفة، ب «الاصطياد في المياه العكرة». ونقلت «فرانس برس» عن وزير التجارة مصطفى بن بادة أن ارتفع أسعار ليس ناجماً عن زيادة الأسعار في السوق العالمية «فقط». وقال إن المنتجين والموزعين بالجملة يتحملون بدورهم حصتهم من المسؤولية، وإن هوامش الربح التي يفرضونها مبالغ فيها. إلا أنه أكد أن أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الحليب والخبز لن ترتفع، مؤكدا مواصلة الدولة ستواصل دعم هذه المنتجات.