في الوقت الذي رفع فيه الحرج عن الطبيب الخبير في حال وقوع خطأ منه بعد اجتهاد، اعتبر عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الدكتور عبدالله بن محمد الخنين الطبيب الجاهل بمهمته قاتل نفس. وقال في مشاركته أمس (الثلثاء) في مؤتمر «الأخطاء الطبية من منظور طبي وشرعي» نيابة عن مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ: «إن الطبيب إذا اجتهد وكان ذا خبرة فإنه لا يأثم أما إذا كان جاهلاً فيعتبر قاتلاً للنفس التي حرمها الله»، لا فتاً إلى أن الطبيب مأمور شرعاً بإجراء الفحوصات اللازمة والكشف الطبي بخبرة وعدم المجازفة بالنفس البشرية، وبيان دور الشريعة في تلافي الأخطاء الطبية من خلال محاور الوقاية والرقابة والعقاب لمن يعتدي على قتل إنسان سلم نفسه لطبيب. وأشار الخنين إلى أهمية تأهيل الطبيب معرفياً وعملياً وعلمياً وتطوير كفاءته لإجراء العمليات الجراحية بجودة عالية، لا فتاً إلى أن جسم الإنسان ليس حقل تجارب بقدر ما هو ثقة بين المريض وطبيبه وأن للتشخيص السليم أهمية كبرى وكذلك رباطة الجأش، كما أكد أهمية العمل على تأهيل الأطباء وتنمية الوازع الديني لديهم وأهمية متابعة المنشأة الطبية للأطباء ووجوب مباشرة التحقيق في الأخطاء الطبية عند حصولها واتخاذ ما يلزم حيالها. وكان نخبة من الخبراء في الجانبين الطبي والشرعي بدأوا صباح أمس نقاشات ثرة تمحورت حول الأخطاء الطبية من منظور شرعي، ودرسها من جميع جوانبها بغية التعرف على الوسائل الوقائية للحد منها والتوعية بالأحكام الشرعية للتعامل معها. وفيما شدد المتحدثون في انطلاق فعاليات مؤتمر «الأخطاء الطبية من منظور طبي وشرعي» الذي تستضيفه جامعة طيبة في المدينةالمنورة، على ضرورة أهمية تأهيل الطبيب مهنياً وعلمياً سعياً إلى الحد من ظاهرة الأخطاء الطبية والتقليل من حدوثها، ربط آخرون ضرورة تأهيله في مجاله بتأهيله فقهياً ضماناً لتطبيق المنهج الشرعي في مهمته الإنسانية العظيمة. وفي مشاركته، أرجع وكيل وزارة الصحة للتخطيط والجودة والتطوير الدكتور محمد حمزة خشيم حدوث الخطأ الطبي إلى ضعف النظام أو أداء العمل الطبي، مبيناً أنه كلما كان النظام قوياً قلت تبعاً لذلك الأخطاء الطبية، مستعرضاً نظام وزارته من خلال حرصها على تطوير أداء العمل والمستشفيات والأطباء والفنيين والعاملين في المجال الصحي من أجل سلامة المرضى وتقديم خدمات ذات جودة عالية، وكذلك مراجعة نظام الأداء والقياس، مشيراً إلى أن الحكومة السعودية ظلت تولي اهتماماً كبيراً بتطوير قطاع الصحة وانتشار المستشفيات، ووضع خطة للمشروع الوطني للرعاية الشاملة لتمكين المواطن من الحصول على الخدمات الطبية من دون الحاجة للانتقال إلى المدن الكبرى. وكشف خشيم إيلاء وزارة الصحة التدريب اهتماماً كبيراً ما أسهم في تقليل الأخطاء الطبية والوصول إلى الجودة المطلوبة، إذ نفذت برامج عدة للحصول على الاعتماد الأكاديمي الطبي وغيرها من البرامج ذات العلاقة. وفي السياق ذاته، نوه مدير جامعة طيبة الدكتور منصور النزهة بأن الأخطاء الطبية تحدث في جميع دول العالم نتيجة لوسائل التشخيص أو العلاج، لذا نظم هذا المؤتمر بهدف درس المشكلة من جميع جوانبها وللتعرف على الوسائل الوقائية للحد من الأخطاء الطبية والتوعية بالأحكام الشرعية للتعامل معها، من جهته، أوضح عميد كلية الطب رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور عبدالقادر رضا علام أن المؤتمر يشارك فيه شرعيون وأطباء يناقشون مجموعة محاور من المنظور الشرعي للأخطاء الطبية، والمنظور الطبي للأخطاء الطبية، والعلاقة بين الهيئة الصحية الشرعية والأخطاء الطبية، والإعلام والتوعية الثقافية الطبية والأخطاء الطبية، ومناهج الكليات الصحية والأخطاء الطبية، ودراسات أكاديمية وميدانية على الأخطاء الطبية، فضلاً عن تنظيم ندوة كبرى مساء اليوم (الأربعاء) بعنوان «الأخطاء الطبية من منظور شرعي وطبي وإعلامي»، ومحاضرة لوزير العدل الدكتور محمد عبدالكريم العيسى بعنوان «الأخطاء الطبية من منظور شرعي». بدوره، استعرض المستشار الأكاديمي لمفتي جمهورية مصر الدكتور محمد عاشور الضرورات الخمس التي منها حفظ النفس والعقل وأهمية النفس البشرية التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وحرص الإسلام على الطبيب الحاذق وكرهه للطبيب الجاهل، الذي ينعكس ضرره على المجتمع، مؤكداً على الدور الذي يجب أن تضطلع به المؤسسات التعليمية والطبية في تطوير الأطباء وتوعيتهم من أجل المصلحة العامة، عاداً تنظيم مثل هذا المؤتمر أمراً ضرورياً في وقت كثرت فيه –بحسب قوله- الأخطاء الطبية.