فاز الرئيس الإيراني حسن روحاني بولاية ثانية من 4 سنوات، قد تتيح له استكمال سياساته الانفتاحية، داخلياً وخارجياً، بعدما هزم خصمه الأصولي إبراهيم رئيسي بفارق شاسع. وأعلن وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي أن فرز 99 في المئة من أصوات 41.2 مليون ناخب اقترعوا الجمعة، أظهر نيل روحاني 23.5 مليون صوت، في مقابل 15.8 مليون صوت لرئيسي. وأشار إلى فوز روحاني في الانتخابات بنسبة 57 في المئة من الأصوات، في مقابل 38 في المئة لرئيسي، علماً أن نسبة الاقتراع بلغت 72.5 في المئة. وكان روحاني حصل على 51 في المئة من الأصوات في انتخابات 2013 التي سجّلت نسبة مشاركة بلغت 73 في المئة. وحلّ مصطفى ميرسلم ثالثاً (478 ألف صوت)، ومصطفى هاشمي طبا رابعاً (215 ألف صوت). وأشاد رحماني فضلي ب «مشاركة ملحمية للشعب الإيراني» في الانتخابات، معتبراً أنه أثبت بذلك للعالم أن «الثورة مستمرة الدفاع عن نظامها وعزة شعبها». وهنّأ ميرسليم، وهو أصولي، روحاني داعياً إياه إلى «تعويض الفرص الضائعة ومعالجة الفقر ومكافحة الفساد»، من أجل «خدمة الشعب وإحكام تلاحمه مع النظام». وتمنّى أن تكون السنوات الأربع المقبلة «مرحلة جديدة في تطوّر إيران وإعلاء شأنها». كما هنّأ هاشمي طبا، وهو إصلاحي، روحاني وحضه على «بذل كل الجهود لتسوية المشكلات التي يمرّ بها الشعب، من أجل الحفاظ على مكانة إيران ورفعتها». ومدّدت وزارة الداخلية الاقتراع 3 مرات إلى منتصف ليل الجمعة– السبت، بسبب طوابير طويلة للمصوّتين. وقالت نرجس (43 سنة): «انتصرنا مرة أخرى، وأعدنا رئيسي إلى مشهد» مسقط رأسه في شمال شرقي إيران. وأضافت أنها انتظرت أكثر من 3 ساعات للتصويت، مستدركة أن الأمر «كان يستحق ذلك». وقالت ماهناز (37 سنة): «أنا سعيدة جداً بفوز روحاني. لم نرضخ للضغوط، أظهرنا لهم (الأصوليين) أننا ما زلنا موجودين. أريد من روحاني الوفاء بوعوده». وقالت زيبا غوميشي في طهران: «صوّتت لروحاني لمنع رئيسي من الفوز. لا أريد أن يكون رئيس البلاد محافظاً. انتظرت 5 ساعات في طابور لأدلي بصوتي». ولفت الصحافي ناصر (52 سنة) إلى أن «الحشد الواسع للجماعات المحافظة والاحتمالات الواقعية بفوز رئيسي، أخافت كثيرين (ودفعتهم) إلى التصويت»، وزاد: «راهنت أنا وأصدقائي. قلت إن رئيسي سيفوز، وأعتقد بأن ذلك شجّع أصدقائي الذين ربما قرروا الامتناع عن التصويت، على الاقتراع». وأفادت وكالة «فارس» بأن رئيسي اشتكى من نقص في بطاقات التصويت في مراكز اقتراع، مستدركة أن السلطات أرسلت بطاقات تصويت إضافية بعد ذلك. وتفقد المرشح الأصولي مقر لجنة الانتخابات، مؤكداً أن «آلية الانتخابات في إيران تبعث على الاطمئنان، وفي حال التزام الجميع القانون لن نواجه أي مشكلة، لأن لدينا تجربة في تنظيم الانتخابات». وأشار إلى تقارير في شأن «خروق» انتخابية، مضيفاً أنه أطلع المعنيين في وزارة الداخلية عليها. وأعلن ناطق باسم مجلس صيانة الدستور، المشرف على الانتخابات، أن المجلس «يدرس مدى تأثير هذه الخروق في مسار التصويت». لكن رئيس لجنة الانتخابات علي أصغر أحمدي أكد أن لا نقص في بطاقات التصويت. توقيفات وأشار رئيس مكتب الادعاء العام في طهران غلام حسين إسماعيلي إلى توقيف 120 شخصاً في العاصمة، اتُهموا ب «شراء أصوات وبيعها». واعتُبرت الانتخابات استفتاءً على السياسات المعتدلة لروحاني، والتي تسعى إلى انفتاح أكبر على المجتمع الدولي، ممهّدةً لإبرام الاتفاق النووي بين طهران والدول الست عام 2015. في المقابل انتقد رئيسي، وهو مقرّب من المرشد علي خامنئي، نهج خصمه، متعهداً محاربة الفساد وإصلاح الاقتصاد. ونال رئيسي دعم «الحرس الثوري» وأذرعه الإعلامية، لا سيّما وكالتَي «فارس» و «تسنيم». لكن روحاني سيواجه القيود ذاتها التي منعته من إحداث تغيير اجتماعي ضخم في إيران خلال ولايته الأولى، وأحبطت إصلاحات الرئيس السابق محمد خاتمي. وتجسّد ذلك في عجزه عن إطلاق الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، الخاضعين لإقامة جبرية منذ عام 2011، بعد الاحتجاجات التي تلت انتخابات الرئاسة عام 2009. وقال كريم سجادبور، وهو زميل بارز في مؤسسة «كارنيغي» يركز على الشؤون الإيرانية: «كان العقدان الأخيران من انتخابات الرئاسة أياماً وجيزة من النشوى، تتبعها سنوات طويلة من الخيبة. يُسمح للديموقراطية في إيران بالازدهار أياماً قليلة فحسب كل أربع سنوات، في حين يُزهر الاستبداد دوماً». خامنئي إلى ذلك، اعتبر خامنئي أن «الشعب الإيراني هو الفائز الحقيقي في الانتخابات»، إضافة إلى «النظام الذي تمكّن، على رغم المؤامرات التي يحكيها أعداء إيران، من أن يكون موضع ثقة الشعب العظيم، وتألّق مجدداً». وأوصى المرشد روحاني ووزراءه ب «العمل بجدية ومثابرة لحلّ مشكلات الشباب، والاهتمام بالشرائح الأضعف في المجتمع والاعتناء بالقرى والمناطق الفقيرة، ووضع مكافحة الفساد وتسوية المشكلات الاجتماعية في أولوية برامج» الحكومة. ونبّه إلى وجوب «رعاية العزة الوطنية وانتهاج الحكمة في العلاقات مع العالم، والاهتمام في شأن إيران دولياً». وأشاد وزير الخارجية محمد جواد ظريف بفوز روحاني، إذ كتب على تطبيق «إنستاغرام»: «مُدينون للمشاركة المهيبة والواعية للشعب في الانتخابات، داخل البلاد وخارجها، بما يضمن أمن إيران واقتدارها ورفعتها». وكتب على موقع «تويتر» داعياً إلى «احترام الشعب الإيراني المستعد للانفتاح على الجميع».