طغى حادث التفجير الذي طاول المصلّين في كنيسة القديسين في الاسكندرية في مصر ليلة رأس السنة، على المواقف السياسية في لبنان واستدعى سيلاً من التصريحات المنددة بالجريمة والداعية الى اتخاذ مواقف موحدة لمواجهة الارهاب. وأجرى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة امس اتصالاً هاتفياً بالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وبحث معه في تداعيات «الجريمة الإرهابية»، معرباً عن استنكاره لهذه الأعمال التي «لا تخدم سوى مصالح أعداء الأمة». وعرض السنيورة مع السفير المصري لدى لبنان أحمد البديوي، تداعيات جريمة الاسكندرية. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان ابرق اول من امس الى الرئيس حسني مبارك مستنكراً الاعتداء الارهابي، وجاء في البرقية: «نؤكد وقوفنا بجانبكم للتصدي للإرهاب ومساندة جهودكم لتعميق روح التوافق والإخاء». واعتبر سليمان في اتصال مع مبارك ان هذه الجريمة «تندرج في اطار سياسة الارهاب التي ترفض الآخر وتصب في اطار ضرب العيش بين الاديان الذي يميز العالم العربي». وقدم تعازيه الى ذوي الضحايا والى الرئيس مبارك الذي اكد «التصميم على مواجهة الارهاب والارهابيين». كذلك، اتصل الرئيس سليمان ببابا الاقباط الأنبا شنودة مستنكراً ومعزياً. ووجه رئيس الحكومة سعد الحريري، برقية إلى الرئيس مبارك، دان فيها التفجير الارهابي، ودعا إلى «تحرك عربي واسع، سواء في اطار جامعة الدول العربية، أم من خلال القنوات القيادية المباشرة، يعمل لبلورة موقف موحد من هذه الأعمال الإجرامية، واعتبار أي اعتداء على الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين بمثابة اعتداء على الامن القومي العربي». وأضاف: «انني اذ أرفع الصوت، يا سيادة الرئيس، بشجب واستنكار هذه الجريمة، اتوجه باسمي وباسم الحكومة اللبنانية، لسيادتكم بأحر مشاعر العزاء، سائلين الله ان يحفظ مصر وشعبها، لتبقى منارة من منارات الحوار والتعايش الاسلامي - المسيحي، وأن يوفر لها بقيادتكم الحكيمة سبل الامان والتقدم والازدهار». ورأى الرئيس السابق للحكومة سليم الحص ان صبغة الجريمة كانت «نافرة ومروعة، خصوصاً وقد جاءت وسط اجواء يبدو فيها أبناء الطوائف المسيحية في بعض الاقطار العربية مستهدفين». وقال: «لا يمكن ولا يجوز تبرئة اسرائيل من هذا المسلسل الرهيب». ورأى ان «الاستنكار وحده لا يكفي. فالخطب الجسيم يتطلب عقد لقاء عربي عاجل على اعلى المستويات لاتخاذ موقف عربي جامع يقطع دابر محاولات إثارة الفتن في صفوف الأمة». جنبلاط: بصمات مشبوهة واعتبر رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط في برقية الى الرئيس المصري حسني مبارك، ان «هذا العمل الإرهابي الجبان والذي يتماثل مع ما أصاب كنيسة سيدة النجاة في بغداد وغيرها، يهدف الى زعزعة الاستقرار ويحمل بصمات مشبوهة تهدف الى زرع الفتنة وصولاً الى تعميم الفوضى المنظمة». كما أبرق جنبلاط الى الأنبا شنودة الثالث معزياً ومديناً «هذا العمل الإجرامي الجبان الذي طاول مواطنين أبرياء». وقال: «إننا نوافقكم الرأي بوجوب علاج كل ما من شأنه توفير قدر أقوى للوحدة الوطنية والتي ساهمتم في تعزيزها، تحقيقاً لوحدة مصر وعروبتها». واستنكر وزير الاقتصاد محمد الصفدي الاعتداء، وقال: «أن أي اعتداء على المسيحيين في العالم العربي هو اعتداء على الإسلام نفسه كدين حاضن يقوم على التعايش التسامح والاعتدال». واعتبر وزير الدولة عدنان القصار ان التفجير الارهابي «عمل إجرامي يعمل ببصمات اجهزة خارجية تريد زرع الكراهية بين المسلمين والأقباط المسيحيين». وأكد النائب محمد قباني في تصريح، ان «عبارات الاستنكار لا تكفي، وشعارات التضامن لا تحمي المسيحيين ولا سواهم من الأحداث الطائفية والفتن المذهبية، وان حماية المسيحيين العرب هي حماية لكل الوطن العربي وواجب جميع العرب». ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» ايوب حميد ان «المستفيد من الارهاب المنظم الذي يضرب العراق ومصر والسودان هو العدو الصهيوني». وأضاف: «المسيحيون في الشرق هم جزء اساسي في تكوين حضارتنا العربية العريقة، والحفاظ على هذا التنوع الحضاري والديني هو واجب وضرورة لحفظ تاريخنا ومستقبلنا»، لافتاً الى «دعوة الرئيس نبيه بري الى تحرك عربي وإسلامي لمواجهة الخطر الداهم». المطران الراعي وطالب راعي أبرشية جبيل للموارنة المطران بشارة الراعي «بموقف رسمي عربي وإسلامي مما يحصل لجهة الاعتداءات التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق». واذ لفت في تصريح تلفزيوني إلى «ان السينودس فصل بين السياسة والدين، وأعطى قيمة للعيش المشترك وللوحدة بين المسلمين والمسيحيين»، قال: «اذا كانت الاعتداءات على المسيحيين رداً على السينودس فإن ذلك مؤسف جداً». ودعا الراعي الى «قمة اسلامية تقول موقفها الحقيقي من التيارات الاصولية التي تتعرض للمسيحيين الذين هم من اصل الحضارات، وذلك تحت اسم الاسلام»، وطالب الدولة المصرية ب «حماية المسيحيين»، مؤكداً أنه «لا يحق لأحد اعتبار المسيحيين مواطنين من فئة ثانية». ونبه الى «أن هناك خطراً على المسيحيين في الشرق»، داعياً «الى مساواتهم مع إخوانهم المسلمين»، وطالب الأنظمة العربية ب «تحمل مسؤولياتها». واستنكر المجلس الأعلى للروم الكاثوليك في بيان، «العمل الإجرامي الوحشي الذي تعرض له المصلّون الأبرياء الذين ذنبهم الوحيد أنهم ينتمون إلى الطائفة القبطية العزيزة». وطلب المجلس من الحكومة المصرية «اتخاذ إجراءات سريعة ورادعة لوقف عملية القتل والاعتداء على الإخوة الأقباط، وصون الحرية الدينية في مصر حتى لا يتعرض العيش المشترك في هذا البلد للاهتزاز الشديد»، معتبراً «أن استمرار استهداف المسيحيين يمثل مخططاً واضحاً لإفراغ الشرق من مكوناته». الرابطة المارونية ودانت «الرابطة المارونية» بشدة، «المجزرة المروعة التي تفوق بشاعتها حد الوصف وتؤيد صحة المخاوف من وجود مخطط جاد يرمي الى اهتزاز الامن القومي المصري والعربي تقوم به قوى ظلامية تنفيذاً لمآرب مشبوهة». ورأت «أن ما حصل بالأمس في الإسكندرية، والذي قبله في بغداد وأنحاء متفرقة من بلاد الرافدين، يحمل دلالات بالغة الخطورة». وطالبت «المسؤولين في الدول العربية والإسلامية بعدم الاكتفاء باستنكار الجرائم التي تستهدف المسيحيين فيها وإدانتها، بل يتحتم عليها اختراق الشبكات الإرهابية وكشف الفاعلين واتخاذ الإجراءات الآيلة الى القضاء عليهم وتبديد مخاوف مواطنيهم». وتقدم الحزب «الشيوعي اللبناني» في بيان، من عائلات ضحايا تفجير الكنيسة بالتعازي، وأكد تضامنه مع «الشعب المصري في مواجهة الاعتداءات الإرهابية المتكررة».