سقط الإعلام السعودي بمختلف قنواته قبل «خليجي20» وفقد ثقة الوسط الرياضي السعودي قبل ثقة المسؤولين، لا لشيء وإنما لأن الإعلام السعودي زوّد جرعات «التنظير» و«الفهلوة» أكثر من مساحة الحرية المتاحة له. قبل بداية «خليجي20» الذي أقيم في مدينة عدن اليمنية الشهر الماضي تسابق حملة هوية الإعلام السعودي في التنظير والتهميش لدور المدير الفني بيسيرو، ونصّبوا أنفسهم مدربين وخبراء ونقاداً، ومارسوا كل فنون الجلد للمنتخب وبرامجه وقوائمه السابقة واللاحقة، ووصل الأمر إلى توزيع نظارات تشاؤمية معتمة لنتائج المنتخب في البطولة، وأشعروا الشارع الرياضي بأن وضع المنتخب في البطولة سيكون محرجاً للرياضة السعودية، وبعد المباراة الافتتاحية أمام منتخب اليمن والتي فاز فيها منتخبنا الوطني بأربعة أهداف ملعوبة وبمستوى فني رائع، توقفت النغمة الإعلامية «النشاز» وتوارت هذه الأقلام بعد التأهل إلى نصف النهائي، بل شعر الإعلام المقروء والفضائي بأن فهلوتهم عرتهم على حقيقتهم ووضعتهم في «كورنر» محرج لهم للغاية. هذه الأيام وقبل انطلاق بطولة كأس الأمم الآسيوية المقبلة في دوحة قطر يترنح الإعلام السعودي خلف ستار الخجل، ويمارس الصمت على مضض، ويضمر في ذاته معلقات النقد التنظيري الذي تم تجهيزه، وسيتم تعليقها لو تعثّر المنتخب - لا سمح الله - في هذه البطولة، وسيمارسون الجلد نفسه وكأنهم يعرفون فنون العمل التدريبي أكثر من المدربين كافة الذين مرّوا على المنتخبات السعودية. لا نطالب بالصمت عن السلبيات، ولا نطالب بتكميم الأفواه، وإنما نطالب بالممارسة الإعلامية الراقية وحسن الطرح واختيار الوقت المناسب لتناول المنتخب بالذات، قد يوفّق منتخبنا في كأس الأمم الآسيوية وهذا ما نتوقعه، وقد تعصف به صافرة ظالمة كما حصل في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الماضية، وقد يترصّد له الحظ، وقد تعترض طريقه ظروف خارجة عن الإرادة، وكل ما نطالب به هو التطوّر في الطرح الإعلامي وتنقية الأجواء من هذه المهنة التي اختلط فيها الحابل بالنابل والغث بالسمين. [email protected]