على رغم اعادة فتح القناة الديبلوماسية الأفعل بين الحكومتين الأميركية والسورية، تحرص ادارة الرئيس باراك أوباما على عدم المبالغة في قراءة اعلانها تعيين السفير الأميركي روبرت ستيفن فورد في دمشق. ففي حين تؤكد أوساط مطلعة أن المؤشرات الاقليمية تتجه نحو تقارب أكبر بين الولاياتالمتحدة وسورية في العام الجديد، تعكس أجواء الادارة الأميركية شرخاً واسعاً في سياستي البلدين، خصوصاً ازاء الموضوع اللبناني والعلاقة مع ايران و «حزب الله». ففي معناها اللوجيستي، تعني خطوة أوباما من حيث التوقيت وتجاوزه الكونغرس في هذه العطلة بالذات بدل الانتظار الى عطل مرتقبة في شباط (فبراير) المقبل أو الصيف، رغبة أميركية متزايدة للانخراط مع دمشق «من دون أن يكون ذلك مرادفاً لتحسن العلاقة بين الطرفين». ويشدد مسؤول أميركي ل «الحياة» على أن تعريف الانخراط في قاموس ادارة أوباما «لا يعني محادثات لطيفة فقط»، اذ ان هناك «خلافات جوهرية» مع الجانب السوري طفت بوضوح الى السطح العام الماضي بعد الانتقادات المتزايدة من وزارة الخارجية الأميركية لتزويد سورية السلاح ل «حزب الله» والعلاقة مع طهران، وأخيراً في تحذيرات من أركان الادارة الأميركية من أي «صفقة» في شأن المحكمة الخاصة بلبنان ورفض التدخل السوري في شؤون هذا البلد الداخلية. وفيما حرصت الادارة على التأكيد أن تعيين فورد «ليس مكافأة» لدمشق، تعكس السيرة الشخصية للسفير الجديد وعلاقته بالمسؤولين في واشنطن ضبابية الأمور والتعقيدات التي ستتحكم بمهماته اليوم. فالسفير الجديد يعتبر من المقربين من مساعد شؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان الذي أوصى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بتعيينه كونه يشرف على الاستراتيجية الأميركية في العلاقة مع دمشق. كما تُعرف عن فورد صلابته الشخصية وجرأته السياسية التي أوقعته في خلافات مع الحكومة الجزائرية حين كان سفيراً هناك بين 2006 و2008. وسيعقّد مهمة فورد التباعد المتزايد بين سورية والولاياتالمتحدة، وتراجع التأثير الأميركي في المنطقة. فعلى رغم عمل ادارة الرئيس باراك أوباما منذ الأيام الأولى على محاولة فصل المسار السوري - الايراني، وتقويض دعم دمشق ل «حزب الله»، عكست الانتقادات المتزايدة من واشنطن لزيارات المسؤولين الايرانيينلدمشق والاتهامات بتهريب أسلحة متطورة للحزب، حدود التأثير الأميركي في سورية. وسيسعى فورد الى استعادة بعض النفوذ في محادثاته مع نظرائه في دمشق، من دون التغيير في الأولويات الخارجية الأميركية التي تستند تاريخياً الى الحد من النفوذ الايراني وضمان أمن واستقرار حلفاء واشنطن في المنطقة. واذ ترى أوساط مطلعة نافذة فرصاً أكبر للتقارب السوري - الأميركي عام 2011، خصوصاً بعد التعقيدات التي اصطدمت بأولويات أوباما الشرق الأوسطية عام 2010 في عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ولجهة تحجيم «حزب الله» في لبنان، تعكس أجواء الادارة تمسكاً بالأولويات نفسها ورهن أي تحسن في العلاقة الأميركية - السورية بتغيير في السلوك السوري، وتحديداً في موضوعي العلاقة مع ايران وموقع «حزب الله».