غادرت عشرات الحافلات حي القابون الدمشقي أمس، حاملة على متنها مئات المعارضين وأفراد عائلاتهم، في إطار عملية إجلائهم إلى محافظة إدلب بشمال غربي البلاد، ما سيسمح للقوات النظامية بإكمال سيطرتها على هذا الحي على الأطراف الشرقيةلدمشق. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عشرات الحافلات غادرت القابون تباعاً خلال ساعات النهار «متجهة ببطء نحو وجهتها في إدلب»، مشيراً إلى توقعات باستكمال خروج جميع المعارضين وأفراد أسرهم من الحي خلال ساعات (يُفترض أن عملية الإجلاء انتهت بحلول المساء). ولفت إلى أن الحافلات نقلت على متنها «حوالى ألفي شخص من مقاتلين وعوائلهم ومدنيين راغبين في الخروج، ومن ضمنهم حوالى 800 من مقاتلي الفصائل». وتحدث عن «نيّة سلطات النظام إفراغ حي القابون (من المعارضين) ... في شكل كامل ... لتستكمل سيطرتها على الحي»، بعدما نجحت أول من أمس في فرض سيطرتها على نحو 80 في المئة من القابون. أما وكالة الأنباء السورية «سانا» الرسمية فأشارت إلى أن «حافلات بدأت فجر اليوم (أمس) بإخراج مئات المسلحين من حي القابون ... في خطوة جديدة من شأنها إنهاء جميع المظاهر المسلحة في الحي»، مضيفة أن «إخراج المسلحين جاء بعد أكثر من 16 ساعة على توقف الأعمال القتالية في الحي الذي شهد على مدى الأسابيع الماضية معارك عنيفة» بين القوات النظامية وعناصر الفصائل المعارضة. وتابعت «أنه سيتم إخراج العديد من المسلحين إلى إدلب في حين ستتم تسوية أوضاع المتبقين وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة». وأعلن محافظ دمشق مساء أمس «انتهاء المرحلة الأولى من التسوية في حي القابون»، مشيراً إلى خروج 2289 شخصاً بينهم 1058 مسلحاً في اتجاه الشمال السوري. في غضون ذلك، أورد «المرصد» معلومات عن «استياء يسود الأوساط الأهلية في غوطة دمشقالشرقية» من أشخاص كانوا يرغبون في الانتقال من بلدات الغوطة إلى منطقة القابون بهدف الخروج مع الدفعة التي كان يجرى نقلها إلى الشمال السوري أمس، وتابع أن هذا الاستياء جاء على خلفية منع حواجز تابعة لفصيل «فيلق الرحمن» للراغبين في مغادرة الغوطة «من الانتقال عبر الأنفاق التي تربط بين القابون والغوطة الشرقية»، موضحاً أن المواطنين الراغبين في الخروج تعللوا ب «الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تشهدها الغوطة الشرقية في ظل الحصار المستمر» الذي تفرضه القوات النظامية. وكانت القوات النظامية تمكنت أول من أمس من تحقيق تقدم جديد من الجهة الشمالية الشرقية لحي القابون، وأشار «المرصد» إلى أنها «تمكنت من توسيع نطاق سيطرتها على الحي» و «ضيّقت الخناق أكثر على الفصائل المتواجدة في الحي من فيلق الرحمن وعناصر من حركة أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام»، مضيفاً أن سيطرة الفصائل على الحي انحصرت بنحو 20 في المئة فقط. وعرضت وسائل إعلام تابعة للحكومة السورية مشاهد لتفجير نفق يصل بين بساتين حي القابون وأطراف حي تشرين وحي برزة عند الأطراف الشرقية للعاصمة، لكن «المرصد» قال إن هذا النفق «توقف العمل فيه منذ نحو شهر ... نتيجة رصده من قوات النظام». ولاحظت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة أن عملية إجلاء المعارضين وأفراد عائلاتهم من القابون جاءت في وقت خرجت قبل يومين دفعة ثانية من المهجّرين من حي برزة المجاور في إطار اتفاق بين ممثلي الحي والسلطات الحكومية السورية. كما شمل التهجير معارضين من حي تشرين. وتقع هذه الأحياء الثلاثة على الأطراف الشرقية والشمالية الشرقيةلدمشق، وستشكل خسارتها نكسة للمعارضة التي سينحصر وجودها في الغوطة الشرقية. ويظل حي جوبر أقرب الأحياء الشرقية إلى دمشق الذي ما زال في أيدي المعارضين. ونقلت وكالة «رويترز» عن معارضين أنه بخسارة القابون وبرزة «سقط خط الدفاع الأساسي عن الغوطة الشرقية».