أعادت موجة الأمطار الرعدية التي تعصف بالمناطق الغربية من السعودية منذ يومين، مشاهد كارثة السيول التي اجتاحت محافظة جدة في الثامن من شهر ذي الحجة قبل الماضي، إلى الواجهة من جديد. فما إن غيبت السحب الركامية قرص الشمس نهار أمس (الخميس) إبان اشتداد هطول المطر، حتى تسللت إلى خوالج غالبية المبتلين ذكرى فاجعة «الأربعاء الأسود» التي أودت بحياة أكثر من 120 شخصاً وخلّفت أضراراً وتلفيات كبيرة طاولت الأنفس والممتلكات العامة والخاصة. وأعلن أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل وفاة أربعة أشخاص (أب وثلاثة من أطفاله) أمس في العاصمة المقدسة بعد أن جرفتهم السيول في وادي البجيدي. وأوضح أنه تم إنقاذ 200 شخص طوّقت المياه منازلهم في مخطط أم الخير السكني في جدة. وكشف عن تلقيه توجيهات من نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبدالعزيز بإغاثة كل من يحتاج إلى إغاثة أو مساعدة وتهيئة سبل الراحة كافة للمتضررين، إضافة إلى الرفع بجميع التلفيات الناتجة من الأمطار. وقال خالد الفيصل إن المخاطر الناجمة عن الأمطار والسيول لن تبارح جدة إلا مع اكتمال مشروع تصريف مياه الأمطار والسيول، ومشروع الصرف الصحي، ومشروع المخطط الشامل لشرق جدة. ولفت إلى أن بعض المشاريع تأخذ وقتها وبعضها يتعثر «إلا أننا نأمل أن ينتهي قريباً مشروع الصرف لأنه تأخر بما فيه الكفاية». وفيما لمح إلى أن تنفيذ المشاريع كافة ربما يستغرق سنوات عدة، أكد أن الاستعدادات الرسمية لمواجهة المطر تتطوّر من عام إلى آخر. وشدد خالد الفيصل على أن ترك مخطط أم الخير (شرق جدة) بهذه الصورة سيجعل الخطر يحدق بقاطنيه كلما هطلت الأمطار، «لا بد أن تفتح مجارٍ للسيول أو أن يزال الحي ويعوّض الأهالي بمساكن في مناطق أخرى». وخيّم ظلام دامس على مدينتي مكةالمكرمةوجدة نهار أمس، بعد أن بدأ انهمار المطر بغزارة منذ الصباح الباكر، ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه في الطرقات والأحياء السكنية، وحدوث سلسلة من الحوادث المرورية (أكثر من 50 حادثة) وحالات احتجاز وسقوط أشجار وأعمدة إنارة. وفوجئ سكان مجمع سكني في مخطط أم الخير بهجوم المياه على منازلهم، حيث أغرقت الطوابق الأرضية واحتجزت السكان، قبل أن تتدخل فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني مستخدمة قوارب إنقاذ مطاطية لإجلاء الأسر إلى شقق مفروشة تم استئجارها، كما تدخّل الطيران العمودي لإنقاذ نسوة وأطفال احتجزتهم المياه داخل بنايات في شرق الخط السريع. وأنقذت أيضاً عائلة مكوّنة من سبعة أشخاص بعد سقوط سيارتهم في بطن وادي أم الخير. وتسببت الأمطار في انهيار منزل في ضاحية مريخ (أنقذت فرق الدفاع المدني سكانه المحتجزين)، وحدوث انهيارات في أسوار مبانٍ وأحواش عدة وانقلاب مركبات شلّت الحركة المرورية في كثير من الطرق، بينما هرب قائدو مركبات بعد أن تركوا سياراتهم على قارعة طريق الحرمين عقب أن غمر بالمياه. وفي وقت انتشرت فيه مواقع تجمّع المياه في محافظة جدة، دعمت جهات عدة الفرق الإنقاذية في المحافظة بعناصر وآليات، كما أرسلت قوات الدفاع المدني في العاصمة المقدسة ومحافظة الطائف أفراداً وقوارب مطاطية إلى «مدني جدة». وحاصرت السيول مستشفيات الملك عبدالعزيز والملك فهد والأمل، ما شلّ حركة سيارات الإسعاف قبل اللجوء إلى الإسعاف الطائر، كما تسببت الأجواء الرعدية الماطرة في إلغاء عدد من الرحلات الجوية وتوجيه أخرى (دولية ومحلية) إلى مطارات بديلة.