دعت المعارضة التونسية إلى التظاهر غداً للتصدي لمشروع قانون المصالحة مع رجال أعمال وموظفين مقربين من النظام السابق رغم دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي إلى الالتزام بقواعد اللعبة الديموقراطية، فيما تظاهر عشرات المحتجين قرب العاصمة بعد أن اقدم بائع متجول على إحراق نفسه. وعملت أحزاب معارضة وجمعيات مدنية على حشد أنصارها للتظاهر في الشارع الرئيسي في العاصمة التونسية (شارع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) غداً السبت للتصدي لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق الذي اقترحه السبسي منذ سنتين. وكان السبسي أوضح، في خطابه أول من أمس، أن هذا القانون سيخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية ويدفع الاستثمار الداخلي والخارجي، مستنكراً الدعوات لإعلان العصيان المدني والتظاهر لإسقاط قانون مصالحة في حال مصادقة البرلمان عليه. وكانت جمعية «مانيش مسامح» (لن أسامح) المناهضة مشروع قانون المصالحة مع رموز النظام السابق، استنكرت في بيان ما اعتبرته «منطق الوعيد والترهيب والتهديد الذي طغى على خطاب الرئيس السبسي»، محذرةً من «انزلاق السلطة إلى تشويه التحركات المطالبة بالتنمية وفرص العمل للتغطية على عجزها في إدارة الأزمات». وتنظر لجنة برلمانية في مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية على رغم اعتراض الكتل النيابية المعارضة، حيث تهدد المعارضة بمواصلة التظاهر إلى حين إسقاط هذا القانون. وكان السبسي اقترح منذ سنتين مشروع قانون للمصالحة الاقتصادية والمالية يشمل آلاف الموظفين الحكوميين ومئات رجال الأعمال المقربين من نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وسُحب هذا القانون آنذاك بعد ضغط من المعارضة التي نزلت إلى الشارع لإسقاطه. وينص مشروع القانون على «العفو على الموظفين العامين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة، من الانتفاع بهذه الأحكام». وأثار خطاب الرئيس التونسي أول من أمس، موجة استنكار واسعة لدى الرأي العام، بخاصة مع دعوته الجيش إلى التدخل لحماية حقول النفط والغاز ومناجم الفوسفات التي تعاني من توقف متكرر للإنتاج بسبب احتجاجات عاطلين من العمل يطالبون بالتوظيف في شركات الطاقة. وعبرت جهات معارضة عن تخوفها من إقحام الجيش في الصراع السياسي والاجتماعي، الأمر الذي سيضر بصورة المؤسسة العسكرية التي عادةً ما تلتزم الحياد. في غضون ذلك، تظاهر عشرات الشبان الغاضبين ببلدة «طبربة» القريبة من العاصمة التونسية احتجاجاً على إقدام بائع متجول على حرق نفسه بعد أن منعته الشرطة البلدية من العمل، في مشهد أعاد إلى الأذهان شرارة الثورة التونسية التي أطلقها البائع المتجول محمد البوعزيزي. واندلعت مواجهات في «طبربة» (التابعة لمحافظة منوبة غربي العاصمة) بين قوات الشرطة ومحتجين احرقوا عجلات مطاط وأغلقوا الطرقات الرئيسية والسكة الحديدية في المدينة، واستعملت قوات الشرطة قنابل الغاز لتفريقهم. ورفع المحتجون الغاضبون شعارات تطالب بالتنمية وفرص العمل للعاطلين في المدينة التي تعاني من نسب فقر وبطالة كبيرة، كما عبروا عن غضبهم من ممارسات قوات الأمن التي اعتقلت عشرات الشبان من المدينة.