تظاهر آلاف التونسيين الذين يرفضون مشروع قانون المصالحة مع رجال الأعمال الفاسدين أمس، في الشارع الرئيسي بالعاصمة، فيما تراجعت السلطات تحت ضغط المعارضة والحركات الشبابية عن قرارها بمنع التظاهر في العاصمة لأسباب أمنية. ورفع المتظاهرون شعارات منددة بمشروع قانون المصالحة مع رجال أعمال مقربين من نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، داعين الى ضرورة محاسبة الفاسدين وناهبي المال العام أمام القضاء وفي إطار مسار العدالة الانتقالية الذي اتخذته البلاد منذ سنتين. ويُعتبر سماح السلطات للمعارضة بالتظاهر في العاصمة إنتصاراً للأخيرة التي تمسكت بموقفها بالاحتجاج رفضاً لقانون المصالحة رغم التحذيرات. وتزامناً مع تظاهرة العاصمة، تظاهر المئات في محافظات عدة بخاصة صفاقس (ثاني أكبر مدن تونس) حيث دعا المحتجون الى سحب قانون المصالحة ومحاسبة الفاسدين ورجال الأعمال المقربين من نظام بن علي. إلى ذلك، دعا الأمين العام لحزب «نداء تونس» الحاكم محسن مرزوق (الداعم لقانون المصالحة) أمس، إلى «احترام حق المواطنين في التظاهر السلمي ضمن إطار احترام القانون ومقتضيات حال الطوارئ»، داعياً الى تعاون بين الأمنيين والمتظاهرين لحماية أمن البلاد والمواطنين والمنشآت. كما أكد مرزوق استعداد الرئاسة لإدخال تعديلات على مشروع قانون المصالحة حتى يحظى بقبول جميع الأطراف، معتبراً أن «المبدأ الأساس هو استعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج واستغلالها لتنمية الجهات التي تعاني من التهميش وغياب فرص التنمية». ويعتبر هذا الموقف تراجعاً من السلطة أمام ضغط المعارضة والشارع، بخاصة مع إعلان الرئاسة «انفتاحها على كل الآراء والتعديلات قبل مناقشة المشروع في البرلمان قبل نهاية السنة» وفق تصريح أمين عام الحزب الحاكم. ودعا الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، في تسجيل نشره على الانترنت، الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي إلى «سحب مشروع قانون المصالحة الذي يدور حوله اختلاف شديد بين الكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني». وقال المرزوقي إن «هذا القانون رفع الاحتقان في المجتمع وزاد في تقسيم التونسيين، وأتوجه إلى رئيس الحكومة (الحبيب الصيد) لسحب هذا القانون جملةً وتفصيلاً لأنه لا يحظى بموافقة التونسيين وقد يؤدي إلى زيادة الاحتقان في البلاد التي تواجه خطر الارهاب». وقال زعيم «الجبهة الشعبية» اليسارية حمة الهمامي إثر لقائه السبسي، إن «الرئاسة عبّرت عن استعدادها لإدخال تعديلات على مشروع قانون المصالحة»، مشيراً إلى أن الجبهة وحلفاءها ستواصل التشاور من أجل الاتفاق على قانون يضمن استعادة الأموال ومحاسبة الفاسدين.