بعد خمس سنوات من القطيعة بين الإسلاميين والحكم في الجزائر على خلفية خروجهم من الحكومة عقب اندلاع ثورات «الربيع العربي»، طلب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رسمياً من «حركة مجتمع السلم» الإسلامية التي يرأسها عبدالرزاق مقري، المشاركة في الحكومة المقبلة في أعقاب فوزها بعدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي. وعرض رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالمالك سلال على مقري أمس، تولي قياديين في الحركة حقائب وزارية، فأحال الأخير ردّه إلى مجلس شورى الحركة الذي يعقد اجتماعاً قريباً. وأعلن مقري أنه التقى سلال بطلب من الأخير «من طريق وساطة» لم يحددها. وأضاف: «أردت التأكد من صدقية طلب دخولنا الحكومة منه (سلال) شخصياً». ولفت مقري إلى أن سلال أبلغه بأن عرضه يأتي بطلب من رئيس الجمهورية، وقال القيادي الإسلامي: «أكدت له أيضاً أن هذا القرار يتخذه مجلس الشورى (في الحركة) الذي سيُعقد بعد درس المجلس الدستوري الطعون». ويُعرَف أن مقري أحد أشد الرافضين لخيار الانضمام إلى السلطة التنفيذية، ويعارضه في ذلك رئيس الحركة السابق أبو جرة سلطاني، عضو مجلس الشورى حالياً. ويُعتقد أن «الوساطة» التي أشار إليها مقري، هي سلطاني الذي تربطه علاقات قوية بالحكم ويدافع بقوة عن عودة الحركة إلى الحكومة. وكان مقري كتب مقالاً لاذعاً ضد سلطاني الذي ربط عودة «مجتمع السلم» إلى الحكومة بعد مغادرتها عام 2012، ب «المصلحة الوطنية». واعتبر مقري أنه «حين تغيب الديموقراطية ومعها اختيار الأحرار، يتدثر عبيد أهوائهم بالمصلحة الوطنية لنيل مصالحهم الشخصية. وما على المصلحة الوطنية من خطر سوى مصالحهم، ولكنهم يكذبون». ويحمل عرض الرئيس الجزائري للحركة الإسلامية التي حصلت على 33 مقعداً من أصل 462 في الانتخابات الاشتراعية الأسبوع الماضي، دلالات واضحة على رغبة السلطة في توسيع دائرة «المشاركة» في الحكم، على رغم أنه يُتوقع أن يتضمن عرض الرئاسة وزارات من خارج دائرة الحقائب السيادية. وتسلمت «حركة مجتمع السلم» (حمس) في السابق وزارات العمل أو الصيد البحري أو السياحة والصناعات التقليدية، وذلك خلال مشاركتها في الحكومة منذ عام 1996 وتوسيع حضورها في الجهاز التنفيذي بعد وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، وتعزيزه بتحالفها مع «جبهة التحرير الوطني» (صاحبة الغالبية) و «التجمع الوطني الديموقراطي»، ضمن ما سُمي ب «التحالف الرئاسي». إلا أن الحركة قررت عام 2012، فك ارتباطها بالتحالف. وكانت تشارك حينذاك في الحكومة بأربعة وزراء. واستغنى بوتفليقة منذ ذلك الوقت عن الإسلاميين في الحكومة والمناصب العليا، وذكرت مصادر مأذونة في حينه أن الرئيس «لم يتقبل موقف حمس في عز الأحداث العربية (الربيع العربي) واعتبره مصلحياً»، واكتفى بشركاء من أحزاب الغالبية مستعيناً ب «الحركة الشعبية الجزائرية» و «تجمع أمل الجزائر». وتوقع خبراء قانونيون افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة في 23 الشهر الجاري، أي في اليوم الخامس عشر الذي يلي تاريخ إعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية، وذلك برئاسة أكبر النواب سناً وبمساعدة أصغر نائبين في المجلس.