عندما حاول وكلاء السيارات اليابانية تدريب وتوظيف السعوديين في قطاع الصيانة لم يحققوا ما كانوا يصبون إليه، وعندما ساهموا مع جهات يابانية وسعودية حكومية وشبه حكومية في تأسيس المعهد العالي السعودي - الياباني للسيارات، واستجابوا للمبادرة الحكومية السعودية - اليابانية المشتركة، رأينا بعد بضع سنوات وجوه شبابنا في مراكز الصيانة، وسنستمر في رؤيتهم أكثر. كان من أسعد أخبار هذا الأسبوع إبرام جامعة الملك سعود اتفاقية تعاون مشترك مع شركة «ديجم» الكورية لصناعة السيارات، لتأسيس شركة هي الأولى من نوعها في المنطقة برأسمال يبلغ نحو 500 مليون دولار، لتصنيع سيارات اقتصادية جديدة تبلغ قيمة الواحدة منها 35 ألف ريال. وجاء في ثنايا الخبر أن الشركة الكورية ستمتلك حصة نسبتها 30 في المئة من مشروع الشركة الجديدة، فيما تبلغ حصة «وادي الرياض للتقنية» التابع للجامعة نحو 10 في المئة، على أن تتاح النسبة المتبقية والبالغة 60 في المئة للمؤسسات الاستثمارية، مثل صندوق الاستثمارات العامة، أو الشركات المساهمة الأخرى. وإذا كانت الشركة الجديدة تتطلع إلى «تأسيس منظومة لتطوير صناعة السيارات والتقنيات المرتبطة بها في المملكة، وتوطين ما يلبي حاجات المملكة والسوق في الدول المجاورة من السيارات» فهي ستحتاج إلى أكثر من مجرد رأس المال، والشريك الأجنبي. إنها تحتاج إلى الخبرة المحلية. حقق بعض وكلاء السيارات لدينا نجاحات جعلتهم شركاء في الشركات التي يمثلونها، وجعلت نشاطهم التوزيعي يمتد إلى خارج الحدود ليحصلوا على أسواق جديدة، ورغم بعض تحفظاتنا عليهم، إلا أن بعضاً منهم يمكن أن يضيف خبرة واسعة إلى هذه الشركة الجديدة، وهذا البعض تحديداً هو ذلك الذي بات يؤثر في قرارات التصنيع في الشركة، وهو يمارس أدواراً ثانوية في عمليات «تقفيل» المنتج الذي يصل إلى هنا ناقصاً الكثير من الأشياء في الهيكل الخارجي. الفطرة البشرية تقول ان وكلاء السيارات سيخافون من القادم الجديد، ليس لأنه سينتج أفضل من سياراتهم، فهذه مسألة تحتاج إلى وقت، لكن لأنه سيأتي مدفوعاً بزخم عاطفي كبير، ولعل بعضكم يتذكرون كيف كان استقبال السيارات الروسية عاطفياً، وعندما «طلع الصدق» تغير الوضع، واختفت السيارة بسرعة، وقيل حينها ان مصنعي السيارات الأغلى نجحوا في التآمر عليها، وهذا لم يكن صحيحاً فالسيارة كانت بجودة ضعيفة، وهي قصة يجب أن تعتبر بها «الغزال السيدان» أو «الغزال واحد» القادمتان. إن دخول هذه الشركات في التأسيس، من رغب منهم على الأقل، سيضيف زخماً تسويقياً وخبرة عالياً، ولعل الجميع ينشئون معهداً عاماً للسيارات يخرِّج لنا سعوديين يعملون على خطوط الإنتاج بشراكة عالمية مفتوحة، فالغزلان المرتقبة إذا لم تكن بأيدٍ سعودية ولو بنسبة الملكية والشراكة البالغة 70 في المئة، فهي لن تكون سوى صناعة كورية على ارض سعودية. الحديث جميل عن الحلم الجميل، ولا زلنا «نحمي» السيارة. [email protected]