ليس هناك ما يبرر وقوع تلك التصرفات التي تابعناها في نهاية مباراة النصر والتعاون على استاد الأمير فيصل بن فهد في الرياض، وشاهدها ملايين الناس عبر القنوات الرياضية الناقلة الأربع وهي: الرياضية السعودية، لاين سبورت، سبورت 7، الجزيرة الرياضية! فمهما كان حجم الخطأ الذي ارتكبه حكم المباراة، فإن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال حال الانفعال والشحن التي كانت بادية على رئيس نادي النصر عند نزوله إلى أرض الملعب، الأمر الذي تحول إلى اللاعبين والمدرج! ربما يكون حكم المباراة أخطأ في بعض قراراته، ولكنني من وجهة نظر محايدة أرى أن أخطاءه المؤثرة في المباراة لم تتجاوز الخطأين، وكانا بالتساوي بين الفريقين، فهدف النصر الأول غير صحيح، وجزائية التعاون غير صحيحة، والقاعدة الحقوقية تقول «المساواة في الظلم عدل». إذا كان ذلك يحدث في الجولة السادسة عشرة، فما الذي ننتظره في الجولة الأخيرة من الدوري، وماذا يخبئ لنا رؤساء الأندية في بطولات الكؤوس المحلية التي لا يوجد فيها تعويض، وهل ننتظر كارثة تحل على ملاعبنا كما حدث في إحدى مباريات الدوري الأردني؟ وبكل أسف أقول: إن إعلامنا المقروء والمرئي بات يلعب دوراً يساعد في استمرار هذه الأحداث من خلال تبرير الأفعال، وأنها نتيجة حتمية لفعل حدث في الملعب أثناء المباراة، وأن ما حدث بعد ذلك هو ردة فعل متوقعة! ومن الواضح أن للمكانة الاجتماعية لبعض رؤساء الأندية دوراً في وجود جيش من الذين يبررون الأخطاء لهؤلاء الرؤساء، ويلعبون دور الدفاع بدلاً منهم، وهناك صنف آخر أستطيع أن أطلق عليهم لقب - المترددون - ونوع ثالث يقول رأيه ويفاجأ باتصال من رئيس النادي أو أحد أعضاء الشرف. ذلك أشبهه بمن لديه «فوبيا» ركوب الطائرات - وهو الشعور بالخوف -، وهذا ما يحدث الآن في البرامج الرياضية، أو العمل الصحافي، والرأي بصورة مباشرة، كونه يعبر عن وجهة نظر كاتبه، فهل أصبح الرأي الرياضي غير صادق، أو لنقل مجاملاً؟ ولأنني بطبعي قد أجامل، ولكنني لا أنافق ولا أداهن، ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بقضية أو أحداث قد تفتح الباب ويصعب بعد ذلك إغلاقه، فإن ما حدث بعد مباراة النصر والتعاون أمر غير مقبول، وبدرجة أقل تأتي تصريحات رؤساء الأهلي والهلال ونجران. وأريد أن أسال من يملك الإجابة: ما الفرق بين تصريحات أطلقها رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد اتهم فيها الحكام بأنهم يتجرأون على الهلال، وتصريحات أخرى لرئيس نجران تتهم رئيس لجنة الحكام بانتداب حكم لهزيمة فريقه، مقارنة بذلك المشهد الذي رأيناه في استاد الأمير فيصل بن فهد؟ ومع ذلك فأنا ضد هذه التصريحات التي تنطوي على سوء نية، والتي عادة ما تدخل في الذمم والنوايا، وهذا من الأمور التي نهانا عنها الشارع الكريم، ولكن في مقابل ذلك على لجنة الحكام مراجعة أوضاعها، واختيار الحكم الأكفأ والأقدر على قيادة المباراة للخروج بأقل الأخطاء. ونصيحتي لرؤساء الأندية الثلاثة الكبيرة - الأمراء -، أن يتجنبوا إحراج المؤسسة الرياضية، فهي إن تجاوزت عنهم، فهذا يعني أنها ستتجاوز عن أي خطأ يقع من غيرهم، وبالتالي فإن أي فعل سيشجع قليلي الوعي والثقافة والحكمة من اللاعبين والجمهور على التصرف بتهور مع الحكام، ورجال الأمن في المستقبل. بقي أن أقول إن هناك شخصيات رياضية اجتماعية يخيّل لي أنها تسكن بجوار بعض المحطات التلفزيونية، إذ إن البعض منهم تفوق على بعض الصحافيين بكثرة حديثه وتنقله بين القنوات لثلاث أو أربع مرات في الساعة الواحدة، وكأنه يقرأ نشرة للأخبار، حتى بدأت أشك في أن كل واحد منهم شريك في هذه القناة! [email protected]