يجزم كثيرون من الشباب القطريين أن الدوحة لم تعرف يوماً الزهو الذي تعيشه هذه الأيام، احتفالاً بثنائية الفوز بتنظيم المونديال والعيد الوطني. وعلى عتبة أيام قليلة من السنة الجديدة يتفرد الشباب القطريون باختلاق طرق أخرى للتعبير عن بهجتهم، ليس آخر صيحاتها دخول «الفوفوزيلا» شوارع الدوحة، بينما يظل تزيين السيارات، و «تلقيم» محركات السيارات حركات شبابية أساسية تستهوي كثيرين. وسيظل الثاني من كانون الأول (ديسمبر)، تاريخاً عالقاً في ذهن شباب قطر الذين ملأوا الشوارع حتى ساعات الصباح الأولى، احتفالاً بتحقيق الحلم. وفي رمش عين، وجدت الصور الأولى لأمير البلاد حمد بن خليفة آل ثاني وحرمه الشيخة موزة بنت ناصر وهما يحملان كأس العالم بجنيف السويسرية طريقها إلى النشر عبر لافتات ضخمة جهزت في بضع ساعات، فلا تكاد تمر بمتجر أو شركة من دون أن تلفت انتباهك تلك الصور العملاقة للأمير وحرمه حاملين الكأس، بينما يظل التنافس على تزيين السيارات بالصور وألوان العلم القطري موضة تلقى رواجاً هائلاً في هذه المناسبات. طوابير طويلة تصادفك على الطرقات. تصطف سيارات كثيرة أمام محلات الديكور والأكسسورات، معظمها لآسيويين يتقنون فن تزيين السيارات وطلائها باللون العنابي الذي يعكس الراية القطرية. وبين من يفضل طلاء واجهة السيارة أو مؤخرتها وجوانبها باللون العنابي، يميل آخرون إلى إلصاق صور عملاقة وشفافة للأمير وولي العهد على الزجاج الأمامي والخلفي للسيارة، بينما يعمد آخرون إلى كتابة عبارات أو أبيات شعرية للتعبير عن فرحتهم المزدوجة. وأكثر الملصقات طرافة عبارة «هاردلاك يا أوباما»، التي دونها أحد الشباب على سياراته الفخمة نكاية بالرئيس الأميركي الذي اعتبر منح «فيفا» تنظيم المونديال لقطر بدلاً من بلده خطأ! هكذا، وبعد أيام طويلة من الاحتفالات التي عمت أرجاء قطر، وتنافس شركات وأشخاص، بمن في فيهم المقيمون، على تقديم التهاني عبر الصحف، وتدوين شعارات فوق محلاتهم تهنئ الشعب القطري على نيله ثقة الفيفا، جاء العيد الوطني الذي يتزامن ويوم 18 كانون الاول (ديسمبر) بشرى سارة بتواصل الأفراح. وحرصت السلطات القطرية على أن تكون احتفالات هذا العام مميزة، فبدأت الترتيبات على واجهة الكورنيش قبل أسابيع من الحدث، ووضعت نافورة مياه جديدة على واجهة البحر، تطلق مياهاً تتراقص على الحان الموسيقى. وليلة الاحتفال، تحول الكورنيش إلى أشبه ما يكون ب «يوم الحشر»، فلا تكاد تجد مساحة صغيرة للمشي، اذ خرج آلاف الأشخاص للاحتفال والمشاهدة بينما وجد البعض ضالته في بيع الأعلام الوطنية. وكالعادة، وجد الشباب، مواطنين أو مقيمين أو زواراً من دول خليجية مجاورة، طريقهم إلى الاحتفال مفاجئين المارة بأصوات «الفوفوزيلا» وابواق السيارات. ومع ارتفاع الطلب على الاعلام الضخمة التي ارتدتها السيارات وبعض الشعارات التي زينت بحبات الكريستال، تسابقت محلات على إرضاء رغبات الشباب الذين يحرص كل منهم على أن يحصل على ديكور خاص ومميز لسياراته، لم يسبقهم إليه أحد، مقابل مبالغ مالية تبدأ بألف ريال (قرابة 300 دولار). وفي المقابل وجد بعض الشباب ضالتهم في «تلقيم» محركات سيارات الدفع الرباعي، بإضافة اسطوانات هيدروجينية لإحداث أصوات قوية تنبعث من العوادم، وتثير ذعر المارة، في تجاهل تام لتحذيرات الخبراء والاختصاصيين من أنها قد تؤدي إلى احتراق السيارة بالكامل لأن غاز الهيدروجين سريع الاشتعال. و «تلقيم» السيارات، ظاهرة آخذة في الانتشار على رغم منعها من قبل سلطات المرور بموجب القانون. لكن الشباب يجدون ضالتهم في ورش الميكانيك في البلدان المجاورة، ويكلف صاحبه مبلغاً طائلاً لا يقل عن 10 آلاف ريال. وسارعت إدارة المرور قبل الاحتفالات إلى تنبيه السائقين الشباب إلى أن تزيين السيارات له شروطه، ولا ينبغي أن يغطي لوحة السيارة، كما حذرت من خروجهم من نوافذ السيارات، والوقوف فوقها للاستعراض، لكن شيئاً من ذلك لم يطبق بحذافيره. وأيا تكن الآراء الرافضة لتلك الأساليب في التعبير عن فرحة الشباب، فإن طرقات الدوحة وشوارعها عادت تلتقط تدريجياً أنفاسها وتستعيد جانباً من هدوئها الذي يميزها خارج أيام الاحتفالات والسهرات.